المغيرة حبسهم في بيعة المستورد بن علقمة وخرجوا من سجنه بعد موته فاجتمعوا على حيان بن ضبيان السلمي ومعاذ بن جرير الطائي فسير إليهم عبد الرحمن الجيش من الكوفة فقتلوا أجمعين كما يذكر في أخبار الخوارج ثم إن أهل الكوفة نقلوا عن عبد الرحمن سوء سيرته فعزله معاوية عنهم وولى مكانه النعمان بن بشير وقال أوليك خيرا من الكوفة فولاه مصر وكان عليها معاوية بن خديج السكوتي وسار إلى مصر فاستقبله معاوية على مرحلتين منها وقال ارجع إلى حالك لا تسر فينا سيرتك في إخواننا أهل الكوفة فرجع إلى معاوية وأقام معاوية بن خديج في عمله (ولاية عبد الرحمن بن زياد خراسان) وفى سنة تسع وخمسين قدم عبد الرحمن بن زياد وافدا على معاوية فقال يا أمير المؤمنين أما لنا حق قال بلى فماذا قال توليني قال بالكوفة النعمان بن بشير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالبصرة وخراسان عبيد الله أخوك وبسجستان عباد أخوك ولا أرى ما يشبهك إلا أن أشركك في عمل عبيد الله فان عمله واسع يحتمل الشركة فولاه خراسان فسار إليها وقدم بين يديه قيس ابن الهيتم السلمي فأخذ أسلم بن زرعة وحبسه ثم قدم عبد الرحمن فأغرمه ثلثمائة ألف درهم وأقام بخراسان وكان متضعفا لم يقر قط وقدم على يزيد بين يدي قتل الحسين فاستخلف على خراسان قيس بن الهيتم فقال له يزيد كم معك من مال خراسان قال عشرون ألف ألف درهم فخيره بين أخذها بالحساب ورده إلى عمله أو تسويغه إياها وعزله على أن يعطى عبد الله بن جعفر خمسمائة ألف درهم فاختار تسويغها والعزل وبعث إلى ابن جعفر بألف الف وقال نصفها من يزيد ونصفها منى ثم إن أهل البصرة وفدوا مع عبيد الله بن زياد على معاوية فأذن له على منازلهم ودخل الأحنف آخرهم وكان هيأ المنزلة من عبيد الله فرحب به معاوية وأجلسه معه على سريره ثم تكلم القوم وأثنوا على عبيد الله وسكت الأحنف فقال معاوية تكلم يا أبا بحر فقال أخشى خلاف القوم فقال انهضوا فقد عزلت عنكم عبيد الله واطلبوا واليا ترضونه فطفق القوم يختلفون إلى رجال بنى أمية وأشراف الشأم وقعد الأحنف في منزله ثم أحضرهم معاوية وقال من اخترتم فسمى كل فريق رجلا والأحنف ساكت فقال معاوية تكلم يا أبا بحر فقال إن وليت علينا من أهل بيتك لم نعدل بعبيد الله أحدا وان وليت من غيرهم ينظر في ذلك قال فانى قد أعدته عليكم ثم أوصاه بالأحنف وقبح رأيه في مباعدته ولما هاجت الفتنة لم يعزله غير الأحنف ثم أخذ على وفد البصرة البيعة لابنه يزيد معهم (بقية الصوائف) دخل بسر بن أرطاة سنة اثنتين وخمسين أرض الروم وشتى بها
(١٧)