فضاق عليهم المحبس وأرادوا أن ينفوه فركب المأمون بنفسه وقتلهم وصلب ابن عائشة ثم صلى عليه ودفنه ثم أخذ في هذه السنة إبراهيم بن المهدى وهو متنقب في زي امرأة يمشي بين امرأتين واستراب به بعض العسس وقال أين تردن في هذا الوقت فأعطاه إبراهيم خاتم ياقوت في يده فازداد ريبة ورفعهن إلى صاحب المسلحة وجاء بهن إلى صاحب الجسر فذهب به إلى المأمون وأحضره والغل في عنقه والملحبة على صدره ليراه بنو هاشم والناس ثم حبسه عند أحمد بن أبي خالد ثم أخرجه معه عند ما سار الحسن بن سهل ليغنم الصلح فشفع فيه الحسن وقيل ابنته بوران وقيل إن إبراهيم لما أخذ حمل إلى دار المعتصم وكان عند المأمون فأدخله عليه وأنبه فيما كان منه واعتذر بمنظوم من الكلام ومنثور أتى فيه من وراء الغاية وهو منقول في كتب التاريخ فلا نطيل بنقله * (انتقاض مصر والإسكندرية) * كان السرى بن محمد بن الحكم واليا على مصر وتوفى سنة خمس ومائتين وبقي ابنه عبد الله فانتقض وخلع الطاعة وأنزل بالإسكندرية جالية من الأندلس أخرجهم الحكم بن هشام من ربضى قرطبة وغربهم إلى المشرق ولما نزلوا بالإسكندرية ثاروا وملكوها وولوا عليهم أبا حفص عمر البلوطي وفشل عبد الله بن طاهر عنهم بمحاربة نصر بن شيث فلما فرغ منه ثار من الشأم إليهم وقدم قائدا من قواده ولقيه ابن السرى وقاتله وأغذ ابن طاهر المسير فلحقهم وهم في القتال وانهزم ابن السرى إلى مصر وحاصره عبد الله بن طاهر حتى نزل على الأمان وذلك سنة عشرة ثم بعث إلى الجالية الذين ملكوا الإسكندرية بالحرب فسألوا الأمان على أن يرتحلوا إلى بعض الجزائر في بحر الروم مما يلي الإسكندرية ففعل ونزلوا جزيرة اقريطش واستوطنوها وأقامت في مملكة المسلمين من أعقابهم دهرا إلى أن غلب عليها الإفرنجة * (العمال بالنواحي) * لما استقر المأمون ببغداد وسكن الهيج وذلك سنة أربع ولى على الكوفة أخاه أبا عيسى وعلى البصرة أخاه صالحا وعلى الحرمين عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب وعلى الموصل السيد بن أنس الأزدي وولى على الشرطة ببغداد ومعاون السواد طاهر بن الحسين استقدمه من الرقة وكان الحسن بن سهل ولاه عليها فقدم واستخلف ابنه عبد الله عليها ثم ولاه المأمون سنة خمس خراسان وأعمال المشرق كلها واستقدم ابنه عبد الله فجعله على الشرطة ببغداد مكان أبيه وولى يحيى
(٢٥٣)