والمقطوعة إلى بلاد الهند فركبوا البحر من فارس ونزلوا بأرض الهند وفتحوا باربد فافتتحوها عنوة ولجأ أهلها إلى البد فأحرقوه عليهم فاحترق بعض وقتل الباقون واستشهد من المسلمين بضعة وعشرون وأقاموا بعض أيام إلى أن يطيب الريح فوقع فبهم موتان فهلك ألف فيهم إبراهيم بن صبيح ثم ركبوا البحر إلى فارس فلما انتهوا إلى ساحل حران عصفت بهم الريح فانكسرت عامة مراكبهم وغرق الكثير منهم * (حج المهدى) * وفى سنة ستين حج المهدى واستخلف على بغداد ابنه الهادي وخاله يزيد بن منصور واستصحب ابنه هارون وجماعة من أهل بيته وكان معه الوزير يعقوب بن داود فجاء في مكة بالحسن بن إبراهيم الذي ضمنه على الأمان فوصله المهدى وأقطعه ولما وصل إلى مكة اهتم بكسوة الكعبة فكساها بأفخر الكسوة بعد أن نزع ما كان عليها وكانت فيها كسوة هشام بن عبد الملك من الديباج الثخين وقسم مالا عظيما هنالك في مصارف الخير فكان منه مما جاء به من العراق ثلاثون ألف درهم ووصل إليه مر مصر ثلثمائة ألف دينار ومن اليمن مائة ألف دينار ففرق ذلك كله وفرق مائة ألف ثوب وخمسين ألف ثوب ووسع المسجد ونقل خمسمائة من الأنصار إلى العراق جعلهم في حرسه وأقطع لهم وأجرى الارزاق ولما رجع أمر ببناء القصور بطريق مكة أوسع من قصور المنصور من القادسية إلى زبالة وأمر باتخاذ المصانع في كل منها منهل وبتجديد الأميال وحفر الآبار وولى على ذلك بقطير بن موسى وأمر بالزيادة في مسجد البصرة وتصغير المنابر إلى مقدار منبر النبي صلى الله عليه وسلم وأمر في سنة سبع وستين بالزيادة في الحرمين على يد بقطير فدخلت فيه دور كثيرة ولم يزل البناء فيهما إلى وفاة المهدى * (نكبة الوزير أبى عبد الله) * كان أبو عبد الله الأشعري قد اتصل بالمهدي أيام أبيه المنصور فلطفت عنده منزلته واستوزره وسار معه إلى خراسان وعظمت به بطانة المهدى فأكثروا فيه السعاية وكان الربيع يدرأ عنه ويعرض كتبه على المنصور ويحسن القول فيه فكتب المنصور إلى المهدى بالوصاة به وأن لا يقبل فيه السعاية ولما مات المنصور وقام الربيع ببيعة المهدى وقدموا إلى بغداد جاء الربيع إلى باب أبى عبد الله قبل المهدى وقبل أهله فعذله ابنه الفضل على ذلك فقال هو صاحب الرجل وينبغي أن نعامله بغير ما كنا نعامله وإياك أن تذكر ما كنا نصنع في حقه أو تمنن بذلك في نفسك فلما وقف ببابه أمهله
(٢٠٩)