المعتز في أمر وزيره فلم يقبل شفاعته وصادرهم على مال جليل حملوه فلم يسد شيا فلما فعلوا بالكتاب ما فعلوا من المصادرة اتهم الجند انهم حملوا على مال ولم يكن ذلك فشفعوا في طلب أرزاقهم وضمنوا للمعتز قتل صالح بن وصيف على خمسين ألفا يبذلها لهم وسألها من أمه فاعتذرت فأنفقت كلمتهم على خلعه ودخل إليه صالح بن وصيف ومحمد بن بف المعروف بأبي نصر وبابكيال وطلبوه في الخروج إليهم فاعتذر لهم وأذن لبعضهم في الدخول فدخلوا وجروه إلى الباب وضربوه وأقاموه في الشمس في صحن الدار وكلما مر به أحد منهم لطمه ثم أحضروا القاضي ابن أبي الشوارب في جماعة فأشهدهم على خلعه وعلى صالح بن وصيف بأمانه وأمان أمه وأخته وولده وفرت أمه قبيحة من سرب كانت اتخذته بالدار ثم عذبوا المعتز ثم جعلوه في سرب وطموا عليه وأشهدوا على موته بنى هاشم والقواد وذلك آخر رجب من سنة خمس وخمسين وبايعوا لمحمد ابن عمه الواثق ولقبوه المهتدى بالله عند ما خلع المعتز نفسه وأقر بالعجز والرغبة في تسليمها إلى المهتدى بايعه الخاصة والعامة وكانت قبيحة أم المعتز لما فعل صالح بالكتاب ما فعل قد نفرا منهم على الفتك بذلك بصالح ونمى ذلك إليه فجمع الأتراك على الثوران وأيقنت قبيحة بالهلاك فأودعت ما في الخزائن من الأموال والجواهر وحفرت سربا في حجرتها هربت منه لما أحيط بالمعتز ولما قتل خشيت على نفسها فبعثت إلى صالح تستأمنه فأحضرها في رمضان وظفر منها بخمسمائة ألف دينار وعذبها على خزائن تحت الأرض فيها ألف ألف دينار وثلثمائة ألف دينار ومقدار مكوك من الزبرجد لم ير مثله ومقدار مكوك آخر من اللؤلؤ العظيم وجراب من الياقوت الأحمر القليل النظير وذمها الناس بأنها عرضت ابنها للقتل في خمسين ألف دينار ومعها هذا المال ثم سارت إلى مكة فأقامت هنالك وقبض صالح على أحمد بن إسرائيل وزيد بن المعتز وعذبه وصادره ثم قبض على أبي نوح وفعل به مثله وقبض على الحسن بن مخلد كذلك ولم يمت وبلغ المهتدى ذلك فنكره وقال كان الحبس كافيا في العقوبة ولأول ولاية المهتدى أخرج القيان والمغنيين من سامرا ونفاهم عنها وأمر بقتل السباع التي كانت في دار السلطان وطرد الكلاب ورد المظالم وجلس للعامة وكانت الفتن قائمة والدولة مضطربة فشمر لاصلاحها لو أمهل واستوزر سليمان بن وهب وغلب على أمره صالح بن وصيف وقام بالدولة * (مسير موسى بن بغا إلى سامرا ومقتل صالح بن وصيف) * كان موسى بن بغا غائبا بنواحي الري وأصبهان منذ ولاية المعتز عليها سنة ثلاث وخمسين ومعه مفلح غلام أبى الساج وكانت قبيحة أم المعتز لما رأت اضطراب أموره
(٢٩٧)