أن يدخلوا الأتراك كما عمل أهل المدائن والأنبار فاصعد المستعين على سطح دار العامة حتى رآه الناس وبيده البردة والقضيب وأقسم عليهم فانصرفوا واعتزم ابن طاهر على التحول إلى المدائن فجاءه وجوه الناس واعتذروا له بالغوغاء فأقصروا بنقل المستعين عن دار ابن طاهر إلى دار رزق الخادم بالرصافة وأمر القواد وبنى هاشم بالكون مع ابن طاهر فركب في تعبية وحلف لهم على المستعين وعلى قصد الاصلاح فدعوا له وسار إلى المستعين وأغراه به وأمر بغا ووصيفا بقتله فلم يفعلا وجاءه أحمد ابن إسرائيل والحسين ابن مجلد بمثل ذلك في المستعين فتغير له ابن طاهر فلما كان يوم الأضحى وقد حضر الفقهاء والقضاة طالبه ابن طاهر بإمضاء الصلح فأجاب وخرج إلى باب الشماسية فجلس هناك ابن طاهر إلى المستعين وأخبره بأنه عقد الامر إلى أن يخلع نفسه ويبتذلوا له خمسين ألف دينار ويعطوه غلة ثلاثين ألف دينار ويقيم بالحجاز مترددا بين الحرمين ويكون بغا واليا على الحجاز ووصيف على الجبل ويكون ثلث الجباية لابن طاهر وجند بغداد والثلثان للموالي والأتراك فامتنع المستعين أولا من الخلع ظنا منه أن وصيفا وبغا معه ثم تبين موافقتهما عليه فأجاب وكتب بما أراد من الشروط وأدخل الفقهاء والقضاة وأشهدهم بأنه قد صير أمره إلى ابن طاهر ثم أحضر القواد وأخبرهم بأنه ما قصد بهذا الاصلاح الا حقن الدماء وأخرجهم إلى المعتز ليوافقهم بخطه على كتاب الشرط ويشهدوا على اقراره فجاؤوا بذلك لست خلون من المحرم سنة ثنتين وخمسين ومائتين * (خلع المستعين ومقتله والفتن خلال ذلك) * ولما تم ما عقده ابن طاهر ووافى القواد بخط المعتز على كتاب الشروط أخذ البيعة للمعتز على أهل بغداد وخطب له بها وبايع له المستعين وأشهد على نفسه بذلك فنقله من الرصافة إلى قصر الحسن بن سهل ومعه عياله وأهله وأخذ البردة والقضيب والخاتم ومنع من الخروج إلى مكة فطلب البصرة فمنع منها وبعث إلى واسط فاستوزر المعتز أحمد بن أبي إسرائيل ورجع أخوه أبو أحمد إلى سامرا وفى آخر المحرم انصرف أبو الساج دبواز بن درموسب إلى بغداد فقلده ابن طاهر معاون السواد فبعث معه مؤنه إليها لطرد الأتراك والمغاربة عنها وسار هو إلى الكوفة ثم كتب المعتز إلى ابن طاهر باسقاط بغا ووصيف ومن معهما من الدواوين وكان محمد أبو عون من قواد ابن طاهر قد تكفل لابي اسحق بقتلهما وعقد له المعتز على اليمامة والبحرين والبصرة ونمى الخبر إليهما بذلك فركبا إلى ابن طاهر وأخبراه الخبر وأن القوم قد نقضوا العهد ثم بعث وصيف أخته سعاد إلى المؤيد وكان في حجرها فاستوهبت له الرضا من المعتز وكذا فعل أبو أحمد
(٢٩٠)