ومحمد وموسى ثم تجردت عنه التهمة بعبد الملك بن صالح بن علي وكانوا أصدقاء له فسعى فيه ابنه عبد الرحمن بأنه يطلب الخلافة فحبسه عنه الفضل بن الربيع ثم أحضره من الغداة وقرعه ووبخه فأنكر وحلف واعترف لحقوق الرشيد وسلفه عليه فأحضر كاتبه شاهدا عليه فكذبه عبد الملك فأحضر ابنه عبد الرحمن فقال هو مأمور معذور أو عاق فاجر فنهض الرشيد من مجلسه وهو يقول سأصبر حتى أعلم ما يرضى الله فيك فإنه الحكم بيني وبينك فقال عبد الملك رضيت بالله حكما وبأمير المؤمنين حاكما فإنه لا يؤثر هواه على رضا ربه ثم أحضره الرشيد يوما آخر فأرعد له وأبرق وجعل عبد الملك يعدد وسائله ومقاماته في طاعته ومناصحته فقال له الرشيد لولا ابقائي على بنى هاشم لقتلتك ورده إلى محبسه وكلمه عبد الله بن مالك فيه وشهد له بنصحه فقال أطلقه إذا قال أما في هذا القرب فلا ولكن سهل حبسه ففعل وأجرى عليه مؤنه حتى مات الرشيد وأطلقه الأمين وعظم حقده على البرامكة بسبب ذلك فضيق عليهم وبعث إلى يحيى يلومه فيما ستر عنه من أمر عبد الملك فقال يا أمير المؤمنين كيف يطلعني عبد الملك على ذلك وأنا كنت صاحب الدولة وهل إذا فعلت ذلك يجازيني بأكثر من فعلك أعيذك بالله ان تظن هذا الظن إلا أنه كان رجلا متجملا يسرني أن يكون في بيتك مثله فوليته ولا خصصته فعاد إليه الرسول يقول إن لم تقر قتلت الفضل ابنك فقال أنت مسلط علينا فافعل ما أردت وجذب الرسول الفضل وأخرجه فودع أباه وسأله في الرضا عنه فقال رضى الله عنك وفرق بينهما ثلاثة أيام ولم يجد عندهما شيئا فجمعهما واحتفظ إبراهيم بن عثمان بن نهيك لقتل جعفر فكان يبكيه ويبكى قومه حزنا عليهم ثم انتهى به إلى طلب الثار بهم فكان يشرب النبيذ مع جواريه ويأخذ سيفه وينادى وا جعفراه وا سيداه والله لأثأرن بك ولأقتلن قاتلك فجاء ابنه وحفص كان مولاه إلى الرشيد فأطلعاه على أمره فأحضر إبراهيم وأظهر له الندم على قتله جعفرا والأسف عليه فبكى إبراهيم وقال والله يا سيدي لقد أخطأت في قتله فانتهره الرشيد وأقامه ثم دخل عليه ابنه بعد ليال قلائل فقتله يقال بأمر الرشيد وكان يحيى بن خالد محبوسا بالكوفة ولم يزل بها كذلك إلى أن مات سنة تسعين ومائة ومات بعده ابنه الفضل سنة ثلاث وتسعين وكانت البرامكة من محاسن العالم ودولتهم من أعظم الدول وهم كانوا نكتة محاسن الملة وعنوان دولتها * (الصوائف وفتوحاتها) * كان الرشيد على ما نقله الطبري وغيره يغزو عاما ويحج عاما ويصلى كل يوم مائة ركعة ويتصدق بألف درهم وإذا حج حمل معه مائة من الفقهاء ينفق عليهم وإذا لم يحج أنفق على ثلثمائة حاج نفقة شائعة وكان يتحذى بآثار المنصور الا في بذل المال فلم ير خليفة
(٢٢٤)