بل كان قديما في أنفس أوليكم على أولينا في الجاهلية فقال سعيد يا أمير المؤمنين تعد علينا أمرا كان في الجاهلية والإسلام قد هدم ذلك ووعد جنة وحذر نارا وأما عمر فهو ابن عمك وقد وصل إلى الله وأنت أعلم بما صنعت وان أحد ثنا به فبطن الأرض خير لنا من ظهرها فرق لهم عبد الملك وقال أبوكم خيرني بين أن يقتلني أو أقتله واخترت قتله على قتلتي وأما أنتم فما أرغبني فيكم وأوصلني لقرابتكم وأحسن حالتهم وقيل إن عمر انما كان خلفه وقتله حين سار عبد الملك لقتال مصعب طلبه أن يجعل له العهد بعده كما فعل أبوه فلم يجبه إلى ذلك فرجع إلى دمشق فعصى وامتنع بها وكان قتله سنة تسعة وستين * (مسير عبد الملك إلى العراق ومقتل مصعب) * ولما صفا الشأم لعبد الملك اعتزم على غزو العراق وأتته الكتب من أشرافهم يدعونه فاستمهله أصحابه فأبى وسار نحو العراق وبلغ مصعبا سيره فأرسل إلى المهلب بن أبي صفرة وهو بفارس في قتال الخوارج يستشيره وقد كان عزل عمر بن عبيد الله بن معمر عن فارس وحرب الخوارج وولى مكانه المهلب وذلك حين استخلف على الكوفة وجاء خالد بن عبيد الله بن خالد بن أسيد على البصرة مختفيا وأعيد لعبد الملك عند مالك ابن مسمع في بكر بن وائل والأزد وأمد عبد الملك بعبيد الله بن زياد بن ضبيان وحاربهم عمر بن عبيد الله بن معمر ثم صالحهم على أن يخرجوا خالدا فأخرجوه وجاء مصعب وقد طمع أن يدرك خالدا فوجده قد خرج فسخط على ابن معمر وسب أصحابه وضربهم وهدم دورهم وحلقهم وهدم دار مالك بن مسمع واستباحها وعزل ابن معمر عن فارس وولى المهلب وخرج إلى الكوفة فلم يزل بها حتى سار للقاء عبد الملك وكان معه الأحنف فتوفى بالكوفة ولما بعث عن المهلب ليسير معه أهل البصرة إلا أن يكون المهلب على قتال الخوارج رده وقال له المهلب ان أهل العراق قد كاتبوا عبد الملك وكاتبهم فلا يتعدى ثم بعث مصعب عن إبراهيم بن الأشتر وكان على الموصل والجزيرة فجعله في مقدمته وسار حتى عسكر في معسكره وسار عبد الملك وعلى مقدمته أخوه محمد ابن مروان وخالد بن عبيد الله بن خالد بن أسيد فنزلوا قريبا من قرقيسيا وحضر زفر ابن الحرث الكلابي ثم صالحه وبعث زفر معه الهذيل ابنه في عسكر وسار معه فنزل بمسكن قريبا من مسكن مصعب وفر الهذيل بن زفر فلحق بمصعب وكتب عبد الملك إلى أهل العراق وكتبوا إليه وكلهم بشرط أصفهان وأتى ابن الأشتر بكتاب مختوما إلى مصعب فقرأه فإذا هو يدعوه إلى نفسه ويجعل له ولاية العراق فأخبره مصعب بما فيه وقال مثل هذا لا يرغب عنه فقال إبراهيم ما كنت لا تقله الغدر والخيانة
(٣٣)