المسلمون جميع ما فيه فأصاب الفارس ثلثمائة دينار وكانوا بضعة وثلاثين ألفا ثم إن الجراح رجع حصن بلنجر إلى صاحبه ورد عليه أهله وماله على أن يكون عينا للمسلمين على الكفار ثم نزل على حصن الوبيد وكان به أربعون ألف بيت من الترك فصالحوا الجراح على مال أعطوه إياه ثم تجمع الترك والتركمان وأخذوا الطرق على المسلمين فأقام في رستاق سبى وكتب إلى يزيد بالفتح وطلب المدد وكان ذلك آخر عمر يزيد وبعث هشام بعد ذلك إليه بالمدد وأقره على العمل * (ولاية عبد الواحد القسري على المدينة ومكة) * كان عبد الرحمن بن الضحاك عاملا على الحجاز منذ أيام عمر بن عبد العزيز وأقام عليها ثلاث سنين ثم حدثته نفسه خطبة فاطمة بنت الحسين فامتنعت فهددها بأن يجلد ابنها في الخمر وهو عبد الله بن الحسن المثنى وكان على ديوان المدينة عامل من أهل الشام يسمى ابن هرمز ولما رفع حسابه وأراد السير إلى يزيد جاء ليودع فاطمة فقالت أخبر أمير المؤمنين بما ألقى من ابن الضحاك وما يتعرض لي ثم بعث رسولها بكتابها إلى يزيد يخبره وقدم ابن هرمز على يزيد فبينا هو يحدثه عن المدينة قال الحاجب بالباب رسول فاطمة بنت الحسين فدكر ابن هرمز ما حملته فنزل عن فراشه وقال عندك مثل هذا وما تخبرني به فاعتذر بالنسيان فأدخل يزيد الرسول وقرأ الكتاب وجعل ينكث الأرض بخيزرانة ويقول لقد اجترأ بن الضحاك هل من رجل يسمعني صوته في العذاب قيل له عبد الواحد بن عبد الله القسري فكتب إليه بيده فقد وليتك المدينة فانهض إليها واعزل ابن الضحاك وغرمه أربعين ألف دينار وعذبه حتى أسمع وأنا على فراشي وجاء البريد بالكتاب إليه ولم يدخل على ابن الضحاك فأحضر البريد ودس إليه بألف دينار فأخبره الخبر فسار ابن الضحاك إلى مسلمة بن عبد الملك واستجار به وسأل مسلمة فيه يزيد فقال والله لا أعفيه أبدا فردة مسلمة إلى عبد الواحد بالمدينة فعذبه ولقى شرا ولبس جبة صوف يسأل الناس وكان قد آذى الأنصار فذموه وكان قدوم القسري في شوال سنة أربع ومائة وأحسن السيرة فأحبه الناس وكان يستشير القاسم ابن محمد وسالم بن عبد الله * (عزل الحريشي وولاية مسلم الكلبي على خراسان) * كان سعيد الحريشي عاملا على خراسان لابن هبيرة كما ذكرنا وكان يستخف به ويكاتب الخليفة دونه ويكنيه أبا المثنى وبعث من عيونه من يأتيه بخبره فبلغه أعظم مما سمع فعزله وعذبه حتى أدى الأموال وعزم على قتله ثم كف عنه وولى ابن هبيرة على خراسان مسلم بن سعيد بن أسلم بن زرعة الكلابي ولما جاء إلى خراسان حبسه وقيده وعذبه كما قلنا
(٨٤)