وكتب صاعد بن مخلد وزير الموفق عن الموفق إلى اسحق برده عن طريقه والقبض على من معه من القواد فلما وصل المعتمد إلى عمله أظهر اسحق طاعته فارتحل في خدمته إلى أول عمل ابن طولون ثم اجتمع بالمعتمد والقواد وفيهم نيزك وأحمد بن خاقان وغيرهم فعذلهم في المسير إلى ابن طولون والمقام تحت يده وطال الكلام بينهم مليا ثم دعاهم إلى خيمته للمناظرة في ذلك أدبا مع المعتمد وقيدهم وجاء إلى المعتمد فعذله في المسير عن دار خلافته ومغاضبة أخيه وهو في دفاع عدوه ومن يريد خراب ملكه وحمل الجميع إلى سامرا وقطع ابن طولون الدعاء للموفق على منابره وأسقط اسمه من الطرر وغضب الموفق بسبب ذلك على أحمد بن طولون وحمل المعتمد على أن يشار بلعنه على المنابر وولى إسحاق بن كنداج على أعماله وفوض إليه من باب الشماسية إلى إفريقية وكان لؤلؤ مولى ابن طولون عاملا له على حمص وحلب وقنسرين وديار مصر من الجزيرة وكان منزله بالرقة فانتقض عليه في هذه السنة وسار إلى بالس فنهبها وكتب إلى الموفق فمر بقرقيسيا وبها ابن صفوان العقيلي فحاربه وغلبه عليها وسلمها إلى أحمد بن مالك ابن طوق ووصل إلى الموفق في عسكر عظيم وهو يقاتل صاحب الزنج فأكرمه الموفق وأحسن هو الغناء في تلك الحرب ثم بعث ابن طولون في تلك السنة جيشه إلى مكة لإقامة الموسم وعامل مكة هارون بن محمد ففارقها خوفا منهم وبعث الموفق جعفرا في عسكر فقوى بهم هارون ولقوا أصحاب ابن طولون فهزموهم وصادروا القائد على ألف دينار وقرئ الكتاب في المسجد بلعن ابن طولون وانقلب أهل مصر إلى بلدهم آمنين ولم يزل لؤلؤ في خدمة الموفق إلى أن قبض عليه سنة ثلاث وسبعين وصادره على أربعمائة ألف وأدبر أمره ثم ثم عاد إلى مصر آخر أيام هارون بن حماديه * (وفاة ابن طولون ومسير ابن كنداج إلى الشأم) * وفى سنة سبعين انتقض بازمان الخادم بطرسوس وقبض على نائبه وسار إليه أحمد ابن طولون في العساكر وحاصروه فامتنع عليه فرجع إلى أنطاكية فمرض هنالك ومات لست وعشرين سنة من ولايته على مصر وولى بعده ابنه خمارويه وانتقضت عليه دمشق فبعث إليها العساكر وعادت إلى طاعته وكان يومئذ بالموصل والجزيرة إسحاق بن كنداج وعلى الأنبار والرحبة وطريق الفرات محمد بن أبي الساج فكاتبا الموفق في المسير إلى الشأم واستمداه فأذن لهما ووعدهما بالمدد فسارا وملكا ما يجاورهما من بلاده واستولى اسحق على أنطاكية وحلب وحمص وكاتبه نائب دمشق واجتمع الخلاف على خمارويه فسار إليه فهرب إلى شيزر وهي في طاعة خمارويه ودمشق وجاء أبو العباس بن الموفق وهو المعتضد من بغداد بالعساكر فكبس شيزر وقتل
(٣٣١)