الشيباني على معاوية ليعرض له بنسب أبى سفيان ففعل ورأى معاوية أن يميله باستلحاقه فالتمس الشهادة بذلك ممن علم لحوق نسبه بأبي سفيان فشهد له رجال من أهل البصرة وألحقه وكان أكثر شيعة على ينكرون ذلك وينقمونه على معاوية حتى أخوه أبو بكرة (وكتب زياد) إلى عائشة في بعض الأحيان من زياد بن أبي سفيان يستدعى جوابها بهذا النسب ليكون له حجة فكتبت إليه من عائشة أم المؤمنين إلى ابنها زياد وكان عبد الله عامر يبغض زيادا وقال يوما لبعض أصحابه من عبد القيس بن سمية يقبح آثاري ويعترض عمالي لقد هممت بقسامة من قريش ان أبا سفيان لم ير سمية فأخبر زياد بذلك فأخبر به معاوية فأمر حاجبه أن يرده من أقصى الأبواب وشكا ذلك إلى يزيد فركب معه فأدخله على معاوية فلما رآه قام من مجلسه ودخل إلى بيته فقال يزيد نقعد في انتظاره فلم يزالا حتى عدا ابن عامر فيما كان منه من القول وقال انى لا أتكثر بزياد من قلة ولا أتعزز به من ذلة ولكن عرفت حق الله فوضعته موضعه فخرج ابن عامر وترضى زيادا ورضى له معاوية (ولاية زياد البصرة) كان زياد بعد صلح معاوية واستلحاقه نزل الكوفة وكان يتشوف الامارة عليها فاستثقل المغيرة ذلك منه فاستعفي معاوية من ولاية الكوفة فلم يعفه فيقال انه خرج زياد إلى الشأم ثم إن معاوية عزل الحرث بن عبد الله الأزدي عن البصرة وولى عليها زيادا سنة خمس وأربعين وجمع له خراسان وسجستان ثم جمع له السند والبحرين وعمان وقدم البصرة فخطب خطبته البتراء وهي معروفة وانما سميت البتراء لأنه لم يفتتحها بالحمد والثناء فحذرهم في خطبته ما كانوا عليه من الانهماك في الشهوات والاسترسال في الفسق والضلال وانطلاق أيدي السفهاء على الجنايات وانتهاك الحرم وهم يدنون منهم فأطال في ذلك عنفهم ووبخهم وعرفهم ما يجب عليهم في الطاعة من المناصحة والانقياد للائمة وقال لكم عندي ثلاث لا أحتجب عن طالب حاجة ولو طرقني ليلا ولا أحبس العطاء عن إباية ولا أحمر البعوث فلما فرغ من خطبته قال له عبد الله بن الأهم أشهد أنك أوتيت الحكمة وفصل الخطاب قال كذبت ذاك نبي الله داود ثم استعمل على شرطته عبد الله بن حصين وأمره أن يمنع الناس من الولوج بالليل وكان قد قال في خطبته لا أوتى بمدلج الا سفكت دمه وكان يأمر بقراءة سورة البقرة بعد صلاة العشاء مؤخرة ثم يمهل بقدر ما يبلغ الرجل أقصى البصرة ثم يخرج صاحب الشرطة فلا يجد أحدا الا قتله وكان أول من شدد أمر السلطان وشيد الملك فجرد السيف وأخذ بالظنة وعاقب على الشبهة وخافه السفهاء والذعار وأمن الناس على أنفسهم ومتاعهم حتى كان الشئ يسقط من يد الانسان
(٨)