فلم نره وطلبناه ببلاد قومه من الشراة فقال ولكن خلفته طلبا للفتنة فقال انا أهل بيت طاعة فقال لتأتيني به أو لأزهقن نفسك فقال والله لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه فأمر الوليد بضربه ولما قدم يوسف بن عمر من العراق بالأموال اشتراه من الوليد بخمسين ألف ألف فقال له الوليد ان يوسف يشتريك بكذا فاضمنها لي قبل أن أدفعك إليه فقال ما عهدت العرب تباع والله لو سألتني عودا ما ضمنته فدفعه إلى يوسف فألبسه عباءة وحمله على غير وطاء وعذبه عذابا شديدا وهو لا يكلمه ثم حمله إلى الكوفة فاشتد في عذابه ثم قتله ودفنه في عباءة يقال إنه قتله بشئ وضعه على وجهه وقيل وضع على رجليه الأعواد وقام عليها الرجال حتى تكسرت قدماه وذلك في المحرم سنة ستة وعشرين ومائة * (مقتل الوليد وبيعة يزيد) * ولما ولى الوليد لم يقلع عما كان عليه من الهوى والمجون حتى نسب إليه في ذلك كثير من الشنائع مثل رمية المصحف بالسهام حين استفتح فوقع على قوله وخاب كل جبار عنيد وينشدون له في ذلك بيتين تركتهما لشناعة مغزاهما ولقد ساءت القالة فيه كثيرا وكثير من الناس نفوا ذلك عنه وقالوا انها من شناعات الأعداء ألصقوها به قال المدائني دخل ابن الغمر بن يزيد على الرشيد فسأله ممن أنت فقال من قريش قال من أيها فوجم فقال قل وأنت امن ولو أنك مروان فقال أنا ابن الغمر بن يزيد فقال رحم الله الوليد ولعن يزيد الناقض فإنه قتل خليفة مجمعا عليه ارفع حوائجك فرفعها وقضاها وقال شبيب بن شبة كنا جلوسا عند المهدى فذكر الوليد فقال المهدى كان زنديقا فقام ابن علانة الفقيه فقال يا أمير المؤمنين ان الله عز وجل أعدل من أن يولى خلافة النبوة وأمر الأمة زنديقا لقد أخبرني عنه من كان يشهده في ملاعبه وشربه ويراه في طهارته وصلاته فكان إذا حضرت الصلاة يطرح الثياب التي عليه المصبية المصبغة ثم يتوضأ فيحسن الوضوء ويؤتى بثياب بيض نظيفة فيلبسها ويشتغل بربه أترى هذا فعل من لا يؤمن بالله فقال المهدى بارك الله عليك يا ابن علانة وانما كان الرجل محسودا في خلاله ومزاحما بكبار عشيرة بيته من بنى عمومته مع لهو كان يصاحبه أو جدلهم به السبيل على نفسه وكان من خلاله قرض الشعر الوثيق ونظم الكلام البليغ قال يوما لهشام يعزيه في مسلمة أخيه ان عقبى من بقي لحوق من مضى وقد أقفر بعد مسلمة الصيد لمن رمى واختل الثغر فهوى وعلى اثر من سلف يمضى من خلف فتزودوا فان خير الزاد التقوى فأعرض هشام وسكت القوم واما حكاية مقتله فإنه لما تعرض له بنو عمه ونالوا من عرضه أخذ في مكافأتهم فضرب سليمان بن عمه هشام مائة سوط وحلقه وغربه إلى معان من أرض الشأم فحبسه إلى آخر دولته
(١٠٦)