فأمنهم ودلوه على سوق عظيمة متصلة بالجسر الأول تسمى المباركة وبها التجار الذين بهم قوامهم فقصدها لاحراقها وحاربه الزنج عندها وأضرم أصحابه النار فيها فاتصلت وبقي التحريق عامة اليوم ثم رجع الموفق ثم انتقل التجار بأمتعتهم وأموالهم إلى أعلى المدينة ثم فعل الخبيث في الجانب الشرقي بعد هذه من حفر الخنادق وتغوير الطرق مثل ما كان فعل في الجانب الغربي واحتفر خندقا عريضا حصن به منازل أصحابه على النهر الغربي ثم خرق الموفق باقي السور إلى النهر الغربي بعد حرب شديدة كانت عليه وكان للخبيث جمع من الزنج وهم أشجع أصحابه قد تحصنوا بحصن منيع يخرجون على أصحاب الموفق عند الحرب فيعوقونهم فاجمع على تخريبه وجمع المقاتلة عليه برا وبحرا وفرقهم على سائر جهاته وجهات الخبيث وأمد الخبيث الحصن بالمهلبي وابن جامع فلم يغنوا عنه وانهزموا وتركوا الحصن في يدي أصحاب الموفق وهزموه وقتلوا من الزنج خلقا وخلصوا من الحصن كثيرا من النساء والصبيان ورجع الموفق إلى عسكره ظافرا * (استيلاء الموفق على الجهة الغربية) * ولما هدم الموفق سور دار الخبيث أمر بتوسعة الطرق للحرب وأحرق الجسر الأول الذي على نهر أبى الخصيب ليمنع من مدد بعضهم بعضا فكان في احراقه حرب عظيمة وأعدت لذلك سفينة ملئت قصبا وجعل فيها النفط وأرسلت في قوة المدد فتبادر الزنج إليها وغرقوها فركب الموفق إلى فوهة نهر أبى الخصيب وقصدهم من غربي النهر وشرقيه إلى أن انتهوا إلى الجسر من غربيه وعليه أنكلاي بن الخبيث وابن جامع فأحرقوه وفعل مثل ذلك من الجانب الشرقي فاحترق الجسر والحظيرة التي كانت لانشاء السفن وسجن كان هناك للخبيث وانحاز هو وأصحابه من الجانب الغربي واستأمن كثير من قواده فأمنهم وأخرجوا إرسالا وخرج قاضيه هاربا ووكل بالجسر الثاني من يحفظه وأمر الموفق ابنه أبا العباس بأن يتجهز لاحراقه فزحف في انجاد غلمانه ومعه الفعلة والآلات وكان في الجانب الغربي قبالة أبى العباس أنكلاي وابن جامع وفى الجانب الغربي قبالة أسد مولى الموفق الخبيث نفسه والمهلبي وجاءت السفن في النهر وقاتلوا حامية الجسر فانهزم ابن جامع وأنكلاي وأضرمت النار في الجسر ولما وافياه وهو مضطرم نارا ألقيا أنفسهما في النهر فخلصا بعد أن غرق من أصحابهما خلق واحترق الجسر وتصل الحريق بدورهم وقصورهم وأسواقهم وافتراق الجيش في الجانبين ونهبت دار الخبيث واستنقذ من كان في حبسه من النسوة والرجال وأخرج ما كان في نهر أبى الخصيب من أصناف السفن إلى دجلة ونهبها أصحاب الموفق واستأمن أنكلاي بن الخبيث وعلم أبوه فثناه عن ذلك واستأمن سليمان بن موسى الشعراني من رؤساء قواده فأجيب بعد
(٣٢٦)