طويلا من المغرب إلى العشاء ثم أذن له فدخل عليه وهو متكئ فلم يجلس ولا أقبل عليه وشرع الربيع يذكر أمر البيعة فكفه وقال قد بلغنا أمركم فلما خرج استطال عليه ابنه الفضل بالعذل فيما فعل بان لم يكن الصواب فقال له ليس الصواب الا ما عملته ولكن والله لأنفقن مالي وجاهي في مكروهه وجد في السعاية فيه فلم يجد طريقا إليها لاحتياطه في أمر دينه وأعماله فأتاه من قبل ابنه محمد ودس إلى المهدى بعرضه لحرمه وانه زنديق حتى إذا استحكمت التهمة فبه أحضره المهدى في غيبة من أبيه ثم قال له اقرأ فلم يحسن فقال لأبيه ألم تقل ان ابنك يقرأ القرآن فقال فارقني منذ سنين وقد نسي فأمر به المهدى فقتل واستوحش من أبى عبد الله وساءت منزلته إلى أن كان من أمره ما نذكره وعزله عن ديوان الرسائل ورده إلى الربيع وارتفعت منزلة يعقوب بن داود عند المهدى وعظم شأنه وأنفذ عهده إلى جميع الآفاق بوضع الامناء ليعقوب وكان لا ينفذ كتاب المهدى حتى يكتب يعقوب إلى يمينه بإنفاذ ذلك * (ظهور دعوة العباسية بالأندلس وانقطاعها) * وفى سنة احدى وستين أجاز عبد الرحمن بن حبيب الفهري من إفريقية إلى الأندلس داعية لبنى العباس ونزل بساحل مرسية وكاتب سليمان بن يقطن عامل سرقسطة في طاعة المهدى فلم يجبه وقصد بلاده فيمن معه من البربر فهزمه سليمان وعاد إلى تدبير وسار إليه عبد الرحمن صاحب الأندلس وأحرق السفن في البحر تضييقا على ابن حبيب في النجاة فاعتصم بجبل منيع بنواحي بلنسية فبذل عبد الرحمن فيه المال فاغتاله بعض البربر وحمل رأسه إليه فأعطاه ألف دينار وذلك سنة اثنتين وستين وهم عبد الرحمن صاحب الأندلس أمر ذلك لغزو الشأم من الأندلس على العدوة الشمالية لاخذ ثاره فعصى عليه سليمان بن يقطن والحسين بن يحيى بن سعيد بن سعد بن عثمان الأنصاري في سرقسطة فشغلوه عما اعتزم عليه من ذلك * (غزو المهدى) * تجهز المهدى سنة ثلاث وستين لغزو الروم وجمع الأجناد من خراسان ومن الآفاق وتوفى عمه عيسى بن علي آخر جمادى الأخيرة بعسكره وسار من الغد واستخلف على بغداد ابنه موسى الهادي واستصحب هارون ومر في طريقه بالجزيرة والموصل فعزل عبد الصمد بن علي وحبسه ثم أطلقه سنة ست وستين ولما جاز ببني مسلمة بن عبد الملك ذكره عمه العباس بما فعله مسلمة مع جدهم محمد بن علي وكان أعطاه مرة في اجتيازه عليه ألف دينار فأحضر المهدى ولد مسلمة ومواليه وأعطاهم عشرين
(٢١٠)