وعبر الناس دفعة واحدة وكان في الدار رجال مختفون في السراديب فخرجوا على العسكر وهم مشتغلون في نهب الدار فأسروا جماعة منهم ونهب العامة دور أصحاب السلطان وعبر المسترشد إلى الجانب الشرقي في ثلاثين ألف مقاتل من أهل بغداد والسواد وأمر بحفر الخنادق فحفرت ليلا ومنعوا بغداد عنهم واعتزموا على كبس السلطان محمود وجاء عماد الدين زنكى من البصرة في حشود عظيمة ملأت البر والبحر فاعتزم السلطان على قتال بغداد وأذعن المسترشد إلى الصلح فاصطلحوا وأقام السلطان ببغداد إلى ربيع الآخر سنة احدى وعشرين ومرض فأشير عليه بمفارقة بغداد فارتحل إلى همذان ونظر فيمن يوليه شحنة العراق مضافا إلى ما بيده ويثق به في سد تلك الخلة وحمل إليه الخليفة عند رحيله الهدايا والتحف والالطاف فقبل جميعها ولما أبعد السلطان عن بغداد قبض على وزيره أبى القاسم علي بن الناصر النشاباذي لاتهامه بممالاة المسترشد واستوزر مكانه شرف الدين أنو شروان بن خالد وكان مقيما ببغداد فاستدعاه وأهدى إليه الناس حتى الخليفة وسار من بغداد في شعبان فوصل إلى السلطان بأصبهان وخلع عليه ثم استعفى لعشرة أشهر وعاد إلى بغداد ولم يزل الوزير أبو القاسم محبوسا إلى أن جاء السلطان سنجر إلى الري في السنة بعدها فأطلقه وأعاده إلى وزارة السلطان * (أخبار دبيس مع السلطان سنجر) * لما وصل دبيس إلى السلطان سنجر ومعه طغرل أغرياه بالمسترشد والسلطان محمود وانهما عاصيان عليه وسهلا عليه أمر العراق فسار إلى الري واستدعى السلطان محمودا يختبر طاعته بذلك فبادر للقائه ولما وصل أمر سنجر العساكر فتلقوه وأجلسه معه على سريره وأقام عنده مدة وأوصاه بدبيس أن يعيده إلى بلده ورجع سنجر إلى خراسان منتصف ذي الحجة ورجع محمود إلى همذان ودبيس معه ثم سار إلى بغداد فقدمها في تاسوعاء سنة ثلاث وعشرين واسترضى المسترشد لدبيس فرضى عنه على شريطة أن بوليه غير الحلة فبذل في الموصل مائة ألف دينار وشعر بذلك زنكى فجاء بنفسه إلى السلطان وهجم على الستر متذمما وحمل الهدايا وبذل مائة ألف فأعاده السلطان إلى الموصل وأعاد بهروز شحنة على بغداد وجعلت الحلة لنظره وسار السلطان إلى همذان في جمادى سنة ثلاث وعشرين ثم مرض السلطان فلحق دبيس بالعراق وحشد المسترشد لمدافعته وهرب بهروز من الحلة فدخلها دبيس في رمضان من سنة ثلاث وعشرين وبعث السلطان في اثره الأميرين اللذين ضمناه له وهما كزل والأحمد يلي فلما سمع دبيس بهما أرسل إلى المسترشد ستعطفه وتردد الرسل وهو يجمع الأموال والرجال
(٥٠٥)