بحماية الاقطاع والضياع وولاتها وصارت الجبايات لنظرهم والتعويل في المرتفع على أخبارهم فلا يقدر أهل الدواوين والحسابات على تحقيق ذلك عليهم ولم يقف عند ذلك على غاية فبطلت الأموال وصار جمعها من المكوس والظلامات وعجز معز الدولة عن ذخيرة يعدها لنوائب سلطانه ثم استكثر من الموالى الأتراك ليجدع بهم من أنواف قومه وفرض لهم الارزاق وزاد لهم الاقطاع فعظمت غيرة قومه من ذلك وآل الامر إلى المنافرة كما هو الشأن في طبيعة الدول * (مسير ابن حمدان إلى بغداد) * ولما استولى معز الدولة على بغداد وخلع المستكفى بلغ الخبر إلى ناصر الدولة بن حمدان فشق ذلك عليه وسار من الموصل إلى بغداد وانتهى إلى سامرا في شعبان سنة أربع وكان معز الدولة حين سمع قدوم عساكره مع نال كوشه وقائد آخر فقتل القائد ولحق بناصر الدولة وجاء ناصر الدولة إلى بغداد فأقام بها وخالفه معز الدولة إلى تكريت فنهبها لأنها من اعماله ثم عاد معز الدولة والمطيع فنزلوا بالجانب الغربي من بغداد وقاتلوا ناصر الدولة بالجانب الشرقي وتقدم ناصر الدولة إلى الاعراب بالجانب الغربي بقطع الميرة عن معز الدولة فغلت الأسعار وعزت الأقوات ومنع ناصر الدولة من الخطبة للمطيع والمعاملة بسكته ودعا للمتقى وبيت معز الدولة مرارا وضاق الامر به واعتزم على ترك بغداد والعود إلى الأهواز ثم أظهر الرحيل ذات ليلة وأمر وزيره أبا جعفر الصهيري بالعبور في أكثر العساكر وأقام بالكينة مكانه وجاء نيال كوشه لقتاله فانهزم واضطرب عسكر ناصر الدولة وأجفلوا وغنم الديلم أموالهم وأظهرهم ثم أمن معز الدولة الناس وعاد المطيع إلى داره في محرم سنة خمس وثلاثين وقام التورونية عليه فلما شعروا به نكروه وهموا بقتله فأسرى هاربا ومعه ابن شيرزاد وفر إلى الجانب الغربي ثم لحق بالقرامطة فأجاروه وبعثوه إلى الموصل ثم استقر الصلح بينه وبين الدولة كما طلب ولما فر عن الأتراك اتفقوا على تكين الشيرازي فولوه عليهم وقبضوا على من تخلف من كتابه وأصحابه وساروا في اتباعه إلى نصيبين ثم إلى سنجار ثم إلى الحديثة ثم إلى السن ولحق هنالك عسكر معز الدولة مع وزيره أبى جعفر الصهيري وقد كان استمده ناصر الدولة وسار ناصر الدولة وابن الصهيري إلى الموصل فنزلوا عليها وأخذ الصهيري من ناصر الدولة ابن شيرزاد وحمله إلى معز الدولة وذلك سنة خمس وثلاثين * (استيلاء معز الدولة على البصرة) * وفى هذه السنة انتقض أبو القاسم البرياي بالبصرة فجهز معز الدولة الجيش جماعة
(٤٢٢)