{قبض الموفق على ابنه أبى العباس المعتضد ثم وفاته وقيام ابنه أبى العباس بالأمر بعده} كان الموفق بعد رجوعه من أصبهان نزل واسط ثم عاد إلى بغداد وترك المعتمد بالمدائن وأمر ابنه أبا العباس وهو المعتضد بالمسير إلى بعض الوجوه فأبى فأمر بحبسه ووكل به وركب القواد من أصحابه واضطربت بغداد فركب الموفق إلى الميدان وسكن الناس وقال انى احتجت إلى تقويم ابني فقومته فانصرف الناس وذلك سنة ست وسبعين وكان عند منصرفه من الجبل قد اشتد به وجع النقرس ولم يقدر على الركوب فكان يحمل في المحفة ووصل إلى داره في صفر من سنة سبع وطال مرضه وبعث كاتبه أبا الصقر ابن بلبل إلى الميدان فجاء بالمعتمد وأولاده وأنزله بداره ولم يأت دار الموفق فارتاب الأولياء لذلك وعمد غلمان أبى العباس فكسروا الاقفال المغلقة عليه وأخرجوه وأقعدوه عند رأس أبيه وهو يجود بنفسه فلما فتح عينه قر به وأدناه وجمع أبو الصقر عنده القواد والجند ثم تسامع الناس ان الموفق حي فتسللوا عن أبي الصقر وأولهم محمد بن أبي الساج فلم يسع أبا الصقر الا الحضور بدار الموفق فحضر هو وابنه وأشاع أعداء أبى الصقر انه هرب بمال الموفق إلى المعتمد فنهبوا داره وأخرجت نساؤه حفاة عراة ونهب ما يجاوره من الدور وفتقت السجون ثم خلع الموفق على ابنه أبى العباس وأبى الصقر وركب إلى منزلهما وولى أبو العباس غلامه بدار الشرطة ثم مات لثمان بقين من صفر سنة ثمان وسبعين ودفن بالرصافة واجتمع القواد فبايعوا ابنه أبا العباس المعتضد بالله واجتمع عليه أصحاب أبيه ثم قبض المعتضد على أبي الصقر ابن بلبل وأصحابه وانتهبت منازلهم وولى عبد الله بن سليمان ابن وهب الوزارة وبعث محمد بن أبي الساج إلى واسط ليرد غلامه وصيفا إلى بغداد فأبى وصيف وسار إلى السوس فأقام بها * (ابتداء أمر القرامطة) * كان ابتداء أمرهم فيما زعموا أن رجلا ظهر بسواد الكوفة سنة ثمان وسبعين ومائتين يتسم بالزهد وكان يدعى قرمط يقال لركوبه على ثور كان صاحبه يدعى كرميطة فعرب وقيل بل اسمه حمدان ولقبه قرمط يقال وزعم أنه داعية لأهل البيت لمنتظر منهم واتبعه العباس فقبض عليه الهيصم عامل الكوفة وحبسه ففر من حبسه وزعم أن الاغلاق لا يمنعه ثم زعم أنه الذي بشر به أحمد بن محمد بن الحنفية وجاء بكتاب تناقله القرامطة فيه بعد البسملة يقول الفرح بن عثمان من قرية نصرانة انه داعية المسيح
(٣٣٥)