وتأكيد اليمين ففارق المتقى الإخشيذ وانحدر من الوقت في الفرات آخر المحرم سنة ثلاث وثلاثين ولقيه تورون بالسندية فقبل الأرض وقال قد وفيت بيميني ووكل به وبأصحابه وأنزله في خيمته ثم استعمله لثلاث سنين ونصف من خلافته وأحضر أبا القاسم عبد الله بن المكتفى فبايعه الناس على طبقاتهم ولقب المستكفى وجئ بالمتقي فبايعه وأخذت منه البردة والقضيب واستوزر أبا الفرج محمد بن علي السامري فكان له اسم الوزارة على سنن من قبله والأمور راجعة لابن شيرزاد كاتب تورون ثم خلع المستكفى على تورون وتوجه وحبس المتقى وطلب أبا القاسم الفضل بن المقتدر الذي لقب فيما بعد بالمطيع فاختفى سائر أيامه وهدمت داره * (وفاة تورون وامارة ابن شيرزاد) * وفى المحرم من سنة أربع وثلاثين وثلثمائة مات تورون ببغداد لست سنين وخمسة أشهر من امارته وكان ابن شيرزاد كاتبه أيامه كلها وبعثه قبل موته لاستخلاص الأموال من هيت فلما بلغه خبر الوفاة عزم على عقد الامارة لناصر الدولة بن حمدان فأبى الجند من ذلك واضطربوا وعقدوا له الرياسة عليهم واجتمعوا عليه وحلفوا وبعث إلى المستكفى ليحلف له فأجابه وحلف له بحضرة القضاة والعدول ودخل إليه ابن شيرزاد فولاه أمير الأمراء وزاد في الارزاق زيادة متسعة فضاقت عليه الأموال فبعث أبا عبد الله بن أبي موسى الهاشمي إلى ابن حمدان يطالبه بالمال ويعده بامارة الأمراء فأنفذ إليه خمسمائة ألف درهم وطعاما وفرقها في الجند فلم تكف ففرض الأموال على العمال والكتاب والتجار لأرزاق الجند ومدت الأيدي إلى أموال الناس وفشا الظلم وظهرت اللصوص وكبسوا المنازل وأخذ الناس في الخلاص من بغداد ثم استعمل على واسط نيال كوشه وعلى تكريت الفتح السيكرى فسار إلى ابن حمدان ودعا له شكرا فولاه عليها من قبله * (استيلاء معز الدولة بن بويه على بغداد واندراج أحكام الخلافة في سلطانهم) * قد تقدم لنا استبداد أهل النواحي على الخلافة منذ أيام المتوكل ولم يزل نطاق الدولة العباسية يتضايق شيا فشيئا وأهل الدولة يستبدون واحدا بعد واحد إلى أن أحاطوا ببغداد وصاروا ولاة متعددة يفرد كل واحد منهم بالذكر وسياقة الخبر إلى آخرها وكان من أقرب المستبدين إلى مقر الخلافة بنو بويه بأصبهان وفارس ومعز الدولة منهم بالأهواز وقد تغلب على واسط ثم انتزعت منه وبنو حمدان بالموصل والجزيرة وقد تغلب
(٤١٩)