توقف ولما خرج تبعه أصحاب الخبيث فقاتلهم ووصل إلى الموفق فأحسن إليه واقتفى أثره في ذلك شبل بن سالم من قواده وعظم على الخبيث وأوليائه استئمان هؤلاء وصار شبل ابن سالم بخرج في السرايا إلى عسكر الخبيث ويكثر النكاية فيهم * (استيلاء الموفق على الجهة الشرقية) * وفى خلال هذه الحروب واتصالها مرن أصحاب الموفق على تخلل تلك المسالك والشعاب مع تضايقها ووعرها وأجمع الموفق على قصد الجانب الشرقي في نهر أبى الخصيب وندب لذلك قواد المستأمنة لخبرتهم بذلك دون غيرهم ووعدهم بالاحسان والزيادة فأبوا وسألوه الإقالة فأبى لتتميز مناصحتهم وجمع سفن دجلة من كل جانب وكان فيها عشرة آلاف ملاح من المرتزقة وأمر ابنه أبا العباس بقصد مدينة الخبيث الشرقية من جهاتها فسار إلى دار المهلبي وهو في مائة وخمسين قطعة من السفن قد شحنها بأنجاد غلمانه وانتخب عشرة آلاف مقاتل وأمرهم بالمسير حفا في النهر يشاهد أحوالهم وبكر الموفق لثمان خلون من ذي القعدة زاحفا للحرب فاقتتلوا مليا وصبروا ثم انهزم الزنج وقتل منهم خلق وأسر آخرون فقتلوا وقصد الموفق لجمعه دار الخبيث وقد جمع الخبيث أصحابه للمدافعة فلم يغنوا عنه وانهزموا وأسلموها فنهبها أصحاب الموفق وسبوا حريمه وبنيه وكانوا عشرين ونجا إلى دار المهلبي ونهبها واشتغل أصحابهم جميعا بنقل الغنائم إلى السفن فأطمع ذلك الزنج فيهم وتراجعوا وردوا الناس إلى مواقفهم ثم صدق الموفق الحملة عشى النهار فهزم الزنج إلى دار الخبيث ورجع الناس إلى عسكره ووصله كتاب لؤلؤ غلام ابن طولون يستأذنه في القدوم عليه فأخر القتال إلى حضوره * (مقتل صاحب الزنج) * ولما وصل غلام ابن طولون في ثالث المحرم من سنة سبعين جاء في جيش عظيم فأحسن إليهم الموفق وأجرى لهم الارزاق على مراتبهم وأمره بالتأهب لقتال الخبيث وقد كان لما غلب على نهر أبى الخصيب وقطعت القناطر والجسور التي عليه أحدث فيه سكرا وضيق جرية الماء ليمنع السفن من دخوله إذا حضر ويتعذر خروجها أمامه وبقي جريه لا يتهيأ الا بإزالة ذلك السكر فحاول ذلك مدة والزنج يدافعون عنه ودفع الموفق لذلك لؤلؤا في أصحابه ليتمرنوا على حرب الزنج في تلك المسالك والطرق فأحسنوا البلاء فيها ووصلهم وألح على العسكر وهو كل يوم يقتل مقاتلتهم ويحرق مساكنهم ويقتل المستأمنة منهم وقد كان بقي بالجهة الغربية بقية من أبنية ومزارع وبها جماعة يحفظونها فسار إليهم أبو العباس وأوقع بهم ولم يسلم منهم الا الشريد ثم غلبهم على السكر وأحرقه واعتزم على لقاء الخبيث وقدم ابنه أبا العباس إلى دار المهلب وأضاف
(٣٢٧)