فصالحهم عبيد الله على الخروج من أرضهم على أن يعطيهم سبعمائة ألف درهم ونكر ذلك عليه شريح وأبى الا القتال وحرض من الناس ورجع وقتل حير قتل في ناس من أصحابه ونجا الباقون وخرجوا من بلاد رتبيل ولقيهم الناس بالأطعمة فكانوا يموتون إذا شبعوا فجعلوا يطعمونهم السمن قليلا قليلا حتى استمروا وكتب الحجاج إلى عبد الملك يستأذنه في غزو بلاد رتبيل فأذن له فجهز عشرين ألف فارس من الكوفة وعشرين ألفا من البصرة واختار أهل الغنى والشجاعة وأزاح عللهم وأنفق فيهم ألفى ألف سوى أعطياتهم وأخذهم بالخيل الرائعة والسلاح الكامل وبعث عليهم عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث وكان يبغضه ويقول أريد قتله ويخبر الشعبي بذلك عبد الرحمن فيقول أنا أزيله عن سلطانه فلما بعثه على ذلك الجيش تنصح أخوه إسماعيل للحجاج وقال لا نبعثه فانى أخشى خلافه فقال هو أهيب لي من أن يخالف أمرى وسار عبد الرحمن في الجيش وقدم سجستان واستنفرهم وحذر العقوبة لمن يتعدى وساروا جميعا إلى بلاد رتبيل وبذل الخراج فلم يقبل منه ودخل بلاده فحواها شيئا فشيئا وبعث عماله عليها ورجع المصالح بالنواحي والارصاد على العقاب والشعاب وامتلأت أيد الناس من الغنائم ومنع من التوغل في البلاد إلى قابل وقد قيل في بعث عبد الرحمن بن الأشعث غير هذا وهو أن الحجاج كان قد أنزل هميان بن عدى السدي مسلحة بكرمان ان احتاج إليه عامل السند وسجستان فمضى هميان فبعث الحجاج عبد الرحمن بن الأشعث فهزمه وقام بموضعه ثم مات عبد الله بن أبي بكرة فولاه الحجاج مكانه وجهز إليه هذا الجيش وكان يسمى جيش الطواويس لحسن زيهم * (أخبار ابن الأشعث ومقتله) * ولما وصل كتاب ابن الأشعث إلى الحجاج كتب إليه يوبخه على القعود عن التوغل ويأمره بالمضي لما أمره به من هدم حصونهم وقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم وأعاد عليه الكتاب بذلك ثانيا وثالثا وقال له ان مضيت والا فأخوك اسحق أمير الناس فجمع عبد الرحمن الناس ورد الرأي عليهم وقال قد كنا عزمنا جميعا على ترك التوغل في بلد العدو ورأينا رأيا وكتبت بذلك إلى الحجاج وهذا كتابه يستعجزني ويستضعفني ويأمرني بالتوغل بكم وأنا رجل منكم فثار الناس وقالوا لا نسمع ولا نطيع للحجاج وقال أبو الطفيل عامر بن واثلة الكناني اخلعوا عدو الله الحجاج وبايعوا الأمير عبد الرحمن فتنادى الناس من كل جانب فعلنا فعلنا وقال عبد المؤمن بن شيث بن ربعي انصرفوا إلى عدو الله الحجاج فانفوه عن بلادكم ووثب الناس إلى عبد الرحمن على خلع الحجاج ونفيه من العراق وعلى النصرة له ولم يذكر عبد الملك وصالح عبد الرحمن رتبيل على أنه ان ظهر
(٤٧)