فسرح خالد بن عتاب لقتالهم فقاتلهم في عسكرهم وقتل غزالة وبعث برأسها إلى الحجاج فأمر شبيب من اعترضه فقتل حامله وجاء به فغسله ودفنه وانصرف الخوارج وتبعهم خالد وقتل مضاد أخو شبيب ورجع خالد عنهم بعد أن أبلى وسار شبيب إلى كرمان وكتب الحجاج إلى عبد الملك يستمده فبعث إليه سفيان بن الأبرد الكلبي في العساكر فأنفق فيهم المال وسرحه بعد انصراف الخوارج بشهرين وكتب إلى عامل البصرة وهو الحكم بن أيوب زوج ابنته أن يبعث بأربعة آلاف فارس من جند البصرة إلى سفيان فبعثهم مع زياد بن عمر العتكي فلحقه انقضاء الحرب وكان شبيب بعد أن استجم بكرمان أقبل راجعا فلقى سفيان بالأهواز فعبر إليه جسر دجيل وزحف في ثلاثة كراديس فقاتلهم أشد قتال وحملوا عليهم أكثر من ثلاثين حملة وسفيان وأهل الشأم مستميتين يزحفون زحفا حتى اضطر الخوارج إلى الجسر فنزل شبيب في مائة من أصحابه وقاتل إلى المساء حتى إذا جاء الليل انصرف وجاء إلى الجسر فقدم أصحابه وهو على اثرهم فلما مر بالجسر اضطرب حجر تحت حافر فرسه وهو على حرف السفينة فسقط في الماء وغرق وهو يقول وكان أمر الله مفعولا ذلك تقدير العزيز العليم وجاء صاحب الجسر إلى سفيان وهو يريد الانصراف بأصحابه فقال إن رجلا من الخوارج سقط فتنادوا بينهم غرق أمير المؤمنين ومروا وتركوا عسكرهم فكبر سفيان وأصحابه وركب إلى الجسر وبعث إلى عسكرهم فحوى ما فيه وكان كثير الخيرات ثم استخرجوا شبيبا من النهر ودفنوه * (خروج المطرف والمغيرة بن شعبة) * لما ولى الحجاج الكوفة وقدمها وجد بنى المغيرة صلحاء أشرافا فاستعمل عروة على الكوفة ومطرفا على المدائن وحمزة على همذان فكانوا أحسن العمال سيرة وأشدهم على المريب ولما جاء شبيب إلى المدائن نزل نهر شير ومطرف بمدينة الأبواب فقطع مطرف الجسر وبعث إلى شبيب أن يرسل إليه من يعرض عليه الدعوة فبعث إليه رجلا من أصحابه فقالوا نحن ندعو إلى كتاب الله وسنة رسوله وانا نقمنا على قومنا الاستئثار بالفئ وتعطيل الحدود والتبسط بالجزية فقال مطرف دعوتم إلى حق جورا ظاهرا وانا لكم متابع فبايعوني على قتال هؤلاء الظلمة باحداثهم وعلى الدعاء إلى الكتاب والسنة على الشورى كما تركها عمر بن الخطاب حتى يولى المسلمون من يرضونه فان العرب إذا علمت أن المراد بالشورى الرضا من قريش رضوا فكثر مبايعكم فقالوا لا تجيبك إلى هذا وأقاموا أربعة أيام يتناظرون في ذلك ولم يتفقوا وخرجوا من عنده ثم دعا مطرف أصحابه وأخبرهم بما دار بينه وبين أصحاب شبيب وأن رأبه خلع عبد الملك
(١٥٩)