في أمره فأمر بقتله وحمل رأسه إليه * (انتقاض الملك مسعود على أخيه السلطان محمود والفتنة بينهما) * كان الملك مسعود قد استقر بالموصل وأذربيجان منذ صالحه السلطان محمود عليها بأول ملكه وكان اقسنقر البرسقي مع الملك مسعود منذ فارق شحنة بغداد وأقطعه مراغة مضافة إلى الرحبة وكان دبيس يكاتب حيوس بك الأتابك في القبض عليه وبعثه إلى مولاه السلطان محمود ويبذل لهم المال على ذلك وشعر بذلك البرسقي ففارقه إلى السلطان محمود وعاد إلى جميل رأيه فيه وكان دبيس مع ذلك يعزى الأتابك حيوس بك بالخلاف على السلطان محمود ويعدهم من نفسه المناصرة لينال باختلافهم في تمهيد سلطانه ما ناله أبوه باختلاف بركيارق ومحمد وكان أبو المؤيد محمد بن أبي إسماعيل الحسين بن علي الأصبهاني يكتب للملك محمود ويرسم الطغرى وهي العلامة على مراسيمه ومنها هباته وجاء والده أبو إسماعيل من اصبهان فعزل الملك مسعود وزيره أبا علي بن عمار صاحب طرابلس واستوزره مكانه سنة ثلاث عشرة فحسن له الخلاف الذي كان دبيس يكاتبهم فيه ويحسنه لهم وبلغ السلطان محمودا خبرهم فكتب يحذرهم فلم يقبلوا وخلعوا وخطبوا للملك مسعود بالسلطنة وضربوا له النوب الخمس وذلك سنة أربع عشرة وكانت عساكر السلطان محمود مفترقة فبادروا إليه والتقوا في عقبة استراباذ منتصف ربيع الأول والبرسقي في مقدمة محمود وأبلى يومئذ واقتتلوا يوما كاملا وانهزمت عساكر مسعود في عشيته وأسر جماعة منهم وفيهم الوزير الأستاذ أبو إسماعيل الطغرائي فأمر السلطان بقتله لسنة من وزارته وقال هو فاسد العقيدة وكان حسن الكتابة والشعر وله تصانيف في الكيمياء وقصد الملك مسعود بعد الهزيمة جبلا على اثنى عشر فرسخا من مكان الوقعة فاختفى فيه وبعث يطلب الأمان من أخيه فبعث إليه البرسقي يؤمنه ويحضره وكان بعض الأمراء قد لحق به في الجبل وأشار عليه باللحاق بالموصل واستمدد بيسا فسار لذلك وأدركه البرسقي على ثلاثين فرسخا من مكانه وأمنه عن أخيه وأعاده إليه فأريب العساكر للقائه وبالغ في اكرامه وخلطه بنفسه وأما أتابكه حيوس بك فلما افتقد السلطان مسعود سار إلى الموصل وجمع العساكر وبلغه فعل السلطان مع أخيه فسار إلى الزاب ثم جاء السلطان بهمذان فأمنه وأحسن إليه وأما دبيس فلما بلغه خبر الهزيمة عاث في البلاد وأخربها وبعث إليه المسترشد بالنكير فلم يقبل فكتب بشأنه إلى السلطان محمود وخاطبه السلطان في ذلك فلم يقبل وسار إلى بغداد وخيم إزاء المسترشد وأطهر انه يثأر منهم بأبيه ثم عاد عن بغداد ووصل السلطان في رحب فبعث دبيس إليه زوجته بنت عميد الدولة بن جهير بمال وهدايا
(٤٩٩)