وأخلى دبيس عنها وجمع لذلك جموعا من العرب والأكراد وبرز من بغداد في جمادى سنة ثنتي عشرة وبلغ الخبر إلى الملك مسعود بالموصل وان العراق خال من الحامية فأشار عليه أصحابه بقصد العراق للسلطنة فلا مانع دونها فسار في جيوش كثيرة ومعه وزيره فخر الملك أبو علي بن عمار صاحب طرابلس وسيأتي خبره وقسيم الدولة زنكى بن اقسنقر ابن الملك العادل وصاحب سنجار وأبو الهيجاء صاحب أربل وكربادى بن خراسان التركماني صاحب البواريخ ولما قربوا من العراق خافهم اقسنقر البرسقي بمكان حيوس بك من الملك المسعود وأما هو فقد كان أبوه محمد جعله أتابك لابنه مسعود فسار البرسقي لقتالهم وبعثوا إليه الأمير كربادى في الصلح وأنهم انما جاؤوا بحدة له على دبيس فقبل وتعاهدوا ورجعوا إلى بغداد كما مر خبره وسار البرسقي لقتاله فاجتمع مع دبيس بن صدقة واتفقا على المعاضدة وسار الملك مسعود ومن معه إلى المدائن للقاء دبيس ومنكبرس ثم بلغهم كثرة جموعهما فعاد الملك مسعود والبرسقي وحيوس بك وعبروا نهر صرصر وحفظ المخاضات وأفحش الطائفتان في نهب السواد واستباحته بنهر الملك ونهر صرصر ونهر عيسى ودجيل وبعث المسترشد إلى الملك مسعود والبرسقي بالنكير عليهم فأنكر البرسقي وقوع شئ من ذلك واعتزم على العود إلى بغداد وبلغه ان دبيس ومنكبرس قد جهز العساكر إليها مع منصور أخي دبيس وحسن بن أو ربك ربيب منكبرس فأغذ السير وخلف ابنه عز الدين مسعودا على العسكر بصرصر واستصحب عماد الدين زنكى بن اقسنقر وجاؤا بغداد ليلا فمنعوا عساكر منكبرس ودبيس من العبور ثم انعقد الصلح بين منكبرس والملك مسعود وكان سببه أن حيوس بك كاتب السلطان محمود وهو بالموصل في طلب الزيادة له وللملك مسعود فجاء كتاب الرسول بأنه أقطعهم أذربيجان ثم بلغه قصدهم بغداد فاتهمهم بالانتقاض وجهز العساكر إلى الموصل وسقط الكتاب بيد منكبرس وكان على أم الملك مسعود فبعث به إلى حيوس بك وداخله في الصلح والرجوع عماهم فيه فاصطلحوا واتفقوا وبلغ الخبر إلى البرسقي فجاء إلى الملك مسعود وأخذ ماله وتركه وعاد إلى بغداد فخيم بجانب منها وجاء الملك مسعود وحيوس بك فخيما في جانب آخر وأصعد دبيس ومنكبرس فخيما كذلك وتفرق على البرسقي أصحابه وجموعه وسار عن العراق إلى الملك مسعود فأقام معه واستقر منكبرس شحنة ببغداد وعاد دبيس إلى الحلة وأساء منكبرس السيرة في بغداد بالظلم والعسف وانطلاق أيدي أصحابه بالفساد حتى ضجر الناس وبعث عنه السلطان محمود فسار إليه وكفى الناس شره * (انتقاض الملك طغرل على أخيه السلطان محمود) *
(٤٩٦)