وقدم في ألف وخرج القواد بأمر السفاح لتلقيه فدخل على السفاح وأكرمه وأعظمه واستأذن في الحج فأذن له وقال لولا أن أبا جعفر يريد الحج لاستعملتك على الموسم فأنزله بقرية وكان قد كتب إلى أبي جعفر ان أبا مسلم استأذنني في الحج وأذنت له وهو يريد ولاية الموسم فاسألني أنت في الحج فلا تطمع أن يتقدمك وأذن له فقدم الأنبار وكان ما بين أبى جعفر وأبى مسلم متباعدا من حيث بعث السفاح أبا جعفر إلى خراسان ليأخذ البيعة له ولأبي جعفر من بعده ويولى أبا مسلم على خراسان فاستخلى أبو مسلم بأبي جعفر فلما قدم ألان أبو جعفر السفاح بقتله وأذن له فيه ثم ندم وكفه عن ذلك وسار أبو جعفر إلى الحج ومعه أبو مسلم واستعمل على حران مقاتل بن حكيم العكي * (موت السفاح وبيعة المنصور) * كان أبو العباس السفاح قد تحول من الحيرة إلى الأنبار في ذي الحجة سنة أربع وثلاثين فأقام بها سنتين ثم توفى في ذي الحجة سنة ست وثلاثين لثلاث عشرة ليلة خلت منه ولاربع سنين وثمانية أشهر من لدن بويع وصلى عليه عمه عيسى ودفن بالأنبار وكان وزيره أبو الجهم بن عطية وكان قبل موته قد عهد بالخلافة لأخيه أبى جعفر ومن بعده لعيسى ابن أخيهما موسى وجعل العهد في ثوب وختمه بخواتيمه وخواتيم أهل بيته ودفعه إلى عيسى ولما توفى السفاح وكان أبو جعفر بمكة فأخذ البيعة على الناس عيسى ابن موسى وكتب إليه بالخبر فجزع واستدعى أبا مسلم وكان متأخرا عنه فاقرأه الكتاب فبكى واسترجع وسكن أبا جعفر عن الجزع فقال أخاف شر عبد الله بن علي فقال أنا أكفيكه وعامة جنده أهل خراسان وهم أطوع لي منه فسرى عنه وبايع له أبو مسلم والناس وأقبلا حتى قدما الكوفة ويقال ان أبا مسلم كان متقدما على أبي جعفر فان الخبر قد أتاه قبله فكتب أبو مسلم إليه يعزيه ويهنيه بالخلافة وبعد يومين كتب له ببيعته وقدم أبو جعفر الكوفة سنة سبع وثلاثين وسار منها إلى الأنبار فسلم إليه عيسى بيوت الأموال والدواوين واستقام أمر أبى جعفر * (انتقاض عبد الله بن علي وهزيمته) * كان عبد الله بن علي قدم على السفاح قبل موته فبعثه إلى الصائفة في جنود أهل الشأم وخراسان فانتهى إلى دلوك ولم بدر حتى جاءه كتاب عيسى بن موسى بوفاة السفاح وأخذ البيعة لابي جعفر وله من بعده كما عهد به السفاح فجمع عبد الله الناس وقرأ عليهم الكتاب وأعلمهم أن السفاح حين أراد أن يبعث الجنود إلى حران تكاسل بنو أبيه عنها فقال لهم من انتدب منكم فهو ولى عهدي فلم يندب غيرى وشهد له أبو غانم الطائي
(١٨٠)