فندموا ورأوا أن لا كفارة في ذلك الا الاستماتة دون ثاره وسموا أنفسهم التوابين وخرجوا لذلك يقدمهم سليمان بن صرد الخزاعي ومعه جماعة من خيار أصحاب على وكان ابن زياد قد انتقض عليه العراق ولحق بالشأم وجمع وزر ينج قاصدا العراق فزحفوا إليه وقاتلوه حتى قتل سليمان وكثير من أصحابه كما ذكرنا في خبره وذلك سنة خمس وستين ثم خرج المختار بن أبي عبيد ودعا لمحمد بن الحنفية كما قدمناه في خبره وفشا التعصب لأهل البيت في الخاصة والعامة بما خرج عن حدود الحق واختلفت مذاهب الشيعة فيمن هو أحق بالأمر من أهل البيت وبايعت كل طائفة لصاحبها سرا ورسخ الملك لبنى أمية وطوى هؤلاء الشيعة قلوبهم على عقائدهم فيها وتستروا بها مع تعدد فرقهم وكثرة اختلافهم كما ذكرناه عند نقل مذاهبهم في فصل الإمامة من الكتاب الأول ونشأ زيد بن علي بن الحسين وقرأ على واصل بن عطاء امام المعتزلة في وقته وكان واصل مترددا في إصابة على في حرب صفين والجمل فنقل ذلك عنه وكان أخوه محمد الباقر يعذله في الاخذ عمن يرى سخطية جده وكان زيد أيضا مع قوله بأفضلية على على أصحابه يرى ان بيعة الشيخين صحيحة وأن إقامة المفضول جائزة خلاف ما عليه الشيعة ويرى أنهما لم يظلما عليا ثم دعته الحال إلى الخروج بالكوفة سنة احدى وعشرين ومائة واجتمع له عامة الشيعة ورجع عنه بعضهم لما سمعوه يثنى على الشيخين وأنهما لم يظلما عليا وقالوا لم يظلمك هؤلاء ورفضوا دعوته فسموا الرافضة من أجل ذلك ثم قاتل يوسف بن عمر فقتله يوسف وبعث برأسه إلى هشام وصلب شلوه بالكناسة ولحق ابنه يحيى بخراسان فأقام بها ثم دعته شيعة إلى الخروج فخرج هنالك سنة خمس وعشرين وسرح إليه نصر بن سيار العساكر مع سالم بن أحور المازني فقتلوه وبعث برأسه إلى الوليد وصلب شلوه بالجوزجان وانقرض شأن الزيدية وأقام الشيعة على شأنهم وانتظار أمرهم والدعاء لهم في النواحي يدعون على الأحجال للرضا من آل محمد ولا يصرحون بمن يدعون له حذرا عليه من أهل الدولة وكان شيعة محمد بن الحنفية أكثر شيعة أهل البيت وكانوا يرون أن الامر بعد محمد بن الحنفية لابنه أبى هشام عبد الله وكان كثيرا ما يغدو على سليمان بن عبد الملك فمر في بعض أسفاره محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بمنزله بالحميمة من أعمال البلقاء فنزل عليه وأدركه المرض عنده فمات وأوصى له بالأمر وقد كان أعلم شيعته بالعراق وخراسان أن الامر صائر إلى ولد محمد بن علي هذا فلما مات قصدت الشيعة محمد بن علي وبايعوه سرا وبعث الدعاة منهم إلى الآفاق على رأس مائة من الهجرة أيام عمر بن عبد العزيز وأجابه عامة أهل خراسان وبعث عليهم النقباء وتداول أمرهم هنالك وتوفى محمد سنة أربع وعشرين وعهد لابنه إبراهيم وأوصى
(١٧٢)