وهزم منصور بن زياد وصاحب الخراج وقوى أمره ثم اغتاله بعض أصحابه فقتله ثم خرج آخر أيام المهدى بأرض الموصل خارجي من بنى تميم اسمه ياسين يميل إلى مقاتلة صالح بن مسرح فهزم عسكر الموصل وغلب على أكثر ديار ربيعة والجزيرة فبعث إليه المهدى القائد أبا هريرة محمد بن مروخ وهزيمة بن أعين مولى بنى ضبة فحارباه حتى قتل في عدة من أصحابه وانهزم الباقون ثم خرج بالجزيرة أيام الرشيد سنة ثمان وسبعين الوليد بن طريف من بنى مغلب وقتل إبراهيم بن خالد بن خزيمة بنصيبين ثم دخل أرمينية وحاصر خلاط عشرين يوما وافتدوا بثلاثين ألفا ثم سار إلى أذربيجان ثم إلى حلوان وأرض السواد وعبر إلى غرب دجلة وعاث في أرض الجزيرة فبعث إليه الرشيد يزيد بن مزيد بن زائدة الشيباني وهو ابن أخي معن في العساكر فمكث يقاتله وكانت البرامكة منحرفة عن يزيد فأغروا به الرشيد وأنه أبقى على الوليد برجم وائل فكتب إليه الرشيد يتهدده فناجزه يزيد الحرب في رمضان سنة تسع وسبعين وقاتلهم قتالا شديدا فقتل الوليد وجئ برأسه ثم أصبحت أخته مستلئمة للحرب فخرج إليها يزيد وضربها على رأسها بالرمح وقال لها أعدى فقد فضحت العشيرة فاستحيت وانصرفت وهي تقول في رثائه الأبيات المشهورة التي منها أيا شجر الخابور مالك مورقا * كأنك لم تجزع على ابن طريف * فتى لا يحب الزاد الا من التقى * ولا المال الا من قنا وسيوف * وانقرضت كلمة هؤلاء بالعراق والشأم فلم يخرج بعد ذلك الا شذاذ متفرقون يستلحمهم الولاة بالنواحي الا ما كان من خوارج البربر بإفريقية فان دعوة الخارجية فشت فيهم من لدن مسيرة الظفري سنة ثلاث وعشرين ومائة ثم فشت دعوة الإباضية والصفرية منهم في هوارة ولماية ونفزة ومغيلة وفى مغراوة وبنى يفرن من زنانة حسبما يذكر في أخبار البربر لسى رستم من الخوارج بالمغرب دولة في تاهرت من الغرب الأوسط نذكرها في أخبار البربر أيضا ثم سار بإفريقية منهم على دولة العبيديين خلفاء القيروان أبو يزيد بن مخلد المغربي وكانت له معهم حروب وأخبار نذكرها في موضعها ثم لم يزل أمرهم في تناقص إلى أن اضمحلت ديانتهم وافترقت جماعتهم وبقيت آثار نحلتهم في أعقاب البربر الذين دانوا بها أول الامر ففي بلاد زناتة بالصحراء منها أثر باق لهذا العهد في قصور ربع وواديه وفى مغراوة من شعوب زناتة ويسمون الراهبية نسبة إلى عبد الله بن وهب الراهبي أول من بويع منهم أيام علي بن أبي طالب وهم في قصور هنالك مظهرين لبدعتهم لبعدهم عن مقال أهل السنة والجماعة وكذلك في جبال طرابلس وزناتة أثر باق من تلك النحلة يدين بها أولئك البربر في المجاورة لهم مثل ذلك وتطير الينا هذا العهد
(١٦٩)