وسلم قال في مرضه الذي توفى فيه هلموا أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فاختلفوا عنده في ذلك وتنازعوا ولم يتم الكتاب وكان ابن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم حتى لقد ذهب كثير من الشيعة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى في مرضه ذلك لعلى ولم يصح ذلك من وجه يعول عليه وقد أنكرت هذه الوصية عائشة وكفى بإنكارها وبقي ذلك معروفا من أهل البيت وأشياعهم وفيما نقله أهل الآثار أن عمر قال يوما لابن العباس ان قومكم يعنى قريشا ما أرادوا أن يجمعوا لكم يعنى بنى هاشم بين النبوة والخلافة فتحموا عليهم وأن ابن عباس نكر ذلك وطلب من عمر اذنه في الكلام فتكلم بما عصب له وظهر من محاورتهما أنهم كانوا يعلمون أن في نفوس أهل البيت شيئا من أمر الخلافة والعدول عنهم بها وفى قصة الشورى أن جماعة من الصحابة كانوا يتشيعون لعلى ويرون استحقاقه على غيره ولما عدل به إلى سواه تأففوا من ذلك وأسفوا له مثل الزبير ومعه عمار بن ياسر والمقداد بن الأسود وغيرهم إلا أن القوم لرسوخ قدمهم في الدين وحرصهم على الألفة لم يزيدوا في ذلك على النجوى بالتأنف والأسف ثم لما فشا التكبر على عثمان والطعن في الآفاق كان عبد الله بن سبا ويعرف بابن السوداء من أشد الناس خوضا في التشنيع لعلى بما لا يرضاه من الطعن على عثمان وعلى الجماعة في العدول إليه عن علي وانه ولى بغير حق فأخرجه عبد الله بن عامر من البصرة ولحق بمصر فاجتمع إليه جماعة من أمثاله جنحوا إلى الغلو في ذلك وانتحال المذاهب الفاسدة فيه مثل خالد بن ملجم وسوذان بن حمدان وكنانة بن بشر وغيرهم ثم كانت بيعة على وفتنة الجمل وصفين وانحراف الخوارج عنه بما أنكروا عليه من التحكيم في الدين وتمحضت شيعته للاستماتة معه في حرب معاوية مع على وبويع ابنه الحسن وخرج عن الامر لمعاوية فسخط ذلك شيعة على منه وأقاموا يتناجون في السر باستحقاق أهل البيت والميل إليهم وسخطوا من الحسن ما كان منه وكتبوا إلى الحسين بالدعاء له فامتنع وأوعدهم إلى هلاك معاوية فساروا إلى محمد بن الحنفية وبايعوه في السر على طلب الخلافة متى أمكنه وولى على كل بلد رجلا وأقاموا على ذلك ومعاوية يكف بسياسة من غربهم ويقتلع الداء إذا تعين له منهم كما فعل بحجر بن عدى وأصحابه ويروض من شماس أهل البيت ويسامحهم في دعوى تقدمهم واستحقاقهم ولا يهيج أحدا منهم بالتثريب عليه في ذلك إلى أن مات وولى يزيد وكان من خروج الحسين وقتله ما هو معروف فكانت من أشنع الوقائع في الاسلام عظمت بها الشحناء وتوغل الشيعة في شأنهم وعظم النكير والطعن على من تولى ذلك أو قعد عنه ثم تلاوموا على ما أضاعوه من أمر الحسين وانهم دعوه ثم لم ينصروه
(١٧١)