عامل أبى مسلم بخراسان يرغبه في الانحراف عنه بولاية خراسان فأجاب سرا وكتب إلى أبي مسلم يحذره الخلاف والمعصية فزاده ذلك رعبا وقال لابي حميد قبل انصرافه قد كنت عزمت على المضي إلى خراسان ثم رأيت أن أوجه أبا إسحاق إلى أمير المؤمنين يأتيني برايته فانى أثق به ولما قدم أبو اسحق تلقاه بنو هاشم وأهل الدولة بكل ما يجب وداخله المنصور في صرف أبى مسلم عن وجهة خراسان ووعده بولايتها فرجع إليه وأشار عليه بلقاء المنصور فاعتزم على ذلك واستخلف مالك بن الهيثم على عسكره بحلوان وسار فقدم المدائن في ثلاثة آلاف وخشى أبو أيوب وزير المنصور أن يحدث منه عند قدومه فتك فدعا بعض إخوانه وأشار عليه بأن يأتي أبا مسلم ويتوسل به إلى المنصور في ولاية كسكر ليصيب فيها مالا عظيما وأن يشرك أخاه في ذلك فان أمير المؤمنين عازم أن يوليه ما ورى به ويريح نفسه واستأذن له المنصور في لقاء أبى مسلم فأذن له فلقى أبا مسلم وتوسل إليه وأخبره الخبر فطابت نفسه وذهب عنه الحزن ولما قرب أمر الناس بتلقيه ثم دخل على المنصور فقبل يده وانصرف ليريح ليلته ودعا المنصور من الغد حاجبه عثمان بن نهيك وأربعة من الحرس منهم شبيب بن رواح وابن حنيفة حرب بن قيس وأجلسهم خلف الرواق وأمرهم بقتل أبى مسلم إذا صفق بيديه واستدعى أبا مسلم فلما دخل سأله عن سيفين أصابهما لعمه عبد الله بن علي وكان متقلدا بأحدهما فقال هذا أحدهما فقال أرني فانتضاه أبو مسلم وناوله إياه فأخذ يقلبه بيده ويهزه ثم وضعه تحت فراشه وأقبل يعاتبه فقال كتبت إلى السفاح تنهاه عن الموات كأنك تعلمه قال ظننت أنه لا يحل ثم اقتديت بكتاب السفاح وعلمت انكم معدن العلم قال فتوركك عنى بطريق مكة قال كرهت مزاحمتك على الماء قال فامتناعك من الرجوع إلى حين بلغك موت السفاح أو الإقامة حتى ألحقك قال طلبت الرفق بالناس والمبادرة إلى الكوفة قال فجارية عبد الله بن علي أردت أن تتخذها لنفسك قال لا انما وكلت بها من يحفظها قال فمراغمتك ومسيرك إلى خراسان قال خشيت منك فقلت آتى خراساني وأكتب بعذري فأذهب ما في نفسك منى قال فالمال الذي جمعته بحران قال أنفقته في الجند تقوية لكم قال ألست الكاتب إلى تبدأ بنفسك وتخطب آسية بنت على وتزعم أنك ابن سليط بن عبد الله بن عباس لقد ارتقيت لا أم لك مرتقى صعبا ثم قال له وما الذي دعاك إلى قتل سليمان بن كثير مع اثره في دعوتنا وهو أحد نقبائنا من قبل أن ندخلك في هذا الامر قال أراد الخلافة فقتلته ثم قال أبو مسلم كيف يقال هذا بعد بلائي وما كان منى قال يا ابن الخبيثة لو كانت أمة مكانك لأغنت انما ذلك بدولتنا وربحنا وأكب أبو مسلم يقبل يده ويعتذر فازداد المنصور
(١٨٣)