ثم تقدم لنا هزيمة يزيد بن هبيرة امام الحسن بن قحطبة وتحصنه بواسط وكان جويرة وبعض أصحابه أشاروا عليه بعد الهزيمة باللحاق بالكوفة فأبى وأشار عليه يحيى بن حصين باللحاق بمروان وخوفه عاقبة الحصار فأبى خشية على نفسه من مروان واعتصم بواسط وبعث أبو مسلمة الحسن بن قحطبة في العسكر لحصاره وعلى ميمنته ابنه داود فانهزم أهل الشأم واضطروا إلى دجلة وغرق منهم كثير ثم تحاجزوا ودخل ابن هبيرة المدينة وخرج لقتالهم ثانية بعد سبعة أيام فانهزم كذلك ومكثوا أياما لا يقتتلون الا رميا وبلغ ابن هبيرة أن أبا أمية الثعلبي قد سود فحبسه فغضبت لذلك ربيعة ومعن بن زائدة وحبسوا ثلاثة نفر من فزارة رهنا في أبى أمية واعتزل معن وعبد الله بن عبد الرحمن بن بشير العجلي فيمن معهما فخلى ابن هبيرة سبيل أبى أمية وصالحهم وعادوا إلى اتفاقهم ثم قدم على الحسن بن قحطبة من ناحية سجستان أبو نصر مالك بن الهيثم فأوفد غيلان بن عبد الله الخزاعي على السفاح يخبره بقدوم أبى نصر وكان غيلان واجدا على الحسن فرغب من السفاح أن يبعث عليهم رجلا من أهل بيته فبعث أخاه أبا جعفر وكتب إلى الحسن العسكر لك والقواد قوادك ولكن أحببت أن يكون أخي حاضرا فأحسن طاعته وموازرته وقدم أبو جعفر فأنزله الحسن في خيمته وجعل على حرسه عثمان بن نهيك ثم تقدم مالك بن الهيثم لقتال أهل الشأم وابن هبيرة فخرجوا لقتاله وأكمنوا معن بن زائدة وأبا يحيى الجرافي ثم استطردوا لابن الهيثم وانهزموا للخنادق فخرج عليهم معن وأبو يحيى فقاتلوهم إلى الليل وتحاجزوا وأقاموا بعد ذلك أياما ثم خرج أهل واسط مع معن ومحمد بن نباتة فهزمهم أصحاب الحسن إلى دجلة فتساقطوا فيها وجاء مالك بن الهيثم فوجد ابنه قتيلا في المعركة فحمل على أهل واسط حتى أدخلهم المدينة وكان مالك يملأ السفن حطبا ويضرمها نارا فتحرق ما تمر به فيأمر ابن هبيرة بأن تجر بالكلاليب ومكثوا كذلك أحد عشر شهرا وجاء إسماعيل بن عبد الله القسري إلى ابن هبيرة بقتل مروان وفشلت اليمانية عن القتال معهم وتبعهم الفزارية فلم يقاتل معه الا الصعاليك وبعث ابن هبيرة إلى محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى بأن يبايع له فأبطأ عنه جوابه وكاتب السفاح اليمانية من أصحاب ابن هبيرة وأطمعهم فخرج إليه زياد بن صالح وزياد بن عبيد الله الحرثيان ووعدا ابن هبيرة أن يصلحا له جهة السفاح ولم يفعلا وتردد الشعراء بين أبى جعفر وابن هبيرة في الصلح وأن يكتب له كتاب أمان على ما اختاره ابن هبيرة وشاور فيه العلماء أربعين يوما حتى رضيه وأنفذه إلى أبي جعفر فأنفذه إلى السفاح وأمر بإمضائه وكان لا يقطع أمرا دون أبى مسلم فكتب إليه يحيى بن هبيرة قد خرج بعد الأمان إلى أبي جعفر في ألف وثلثمائة فلقيه الحاجب سلام
(١٧٥)