السكنى على هذه الحال على حال الغيبة، والفرق بين الصورتين أنه باعتبار أنه في الدار من الأهل والعيال والأسباب في الصورة الأولى في حكم الساكن، بل هو ساكن، وإن كان غائبا " بنية الرجوع، بخلاف الثانية.
الخامسة قالوا: لو كان له داران يتردد إليهما في السكنى فهو جار لأهلهما فيستحق بسببهما معا " لصدق الاسم مع وجود القدر المعتبر عند معتبره، ولو كان يسكنهما على التناوب أو بحسب الفصول استحق زمن السكنى.
أقول: وفي تخصيص الاستحقاق بمن السكنى في الصورة الأخيرة تأييد لما قدمنا ذكره في الغائب عن داره، وليس له فيها عيال ولا مال ولا أسباب وإن كان بنية الرجوع، فإنه لا يستحق زمن الغيبة شيئا ".
السادسة إن قلنا ببناء الجوار على العرف كما هو أحد الأقوال المتقدمة، وجب قسمة الموقوف على رؤس الجيران مطلقا "، وكذا إن قلنا بالأذرع، ويستوي فيه الصغير والكبير والذكر والاثني، وإن قلنا بالبناء على عدد الدور، والظاهر قسمته على عددها صغيرة كانت أو كبيرة ثم يقسم رصد كل دار على عدد أهلها، وقيل: بأنه يقسم من أول الأمر على عدد أهل الدور، والله العالم.
ومنها ما لو وقف على قومه، قال الشيخان: يكون على جماعة أهل لغته من الذكور دون الإناث، وتبعهما ابن البراج وابن حمزة، وقال أبو الصلاح:
يعمل بالمعلوم من قصده، فإن لم يعرف ما قصده عمل بعرف قومه في ذلك الاطلاق، وقال سلار: يكون لجماعة أهل لغته ولم يخص الذكور بالذكر.
وقال ابن إدريس: الذي يقتضيه أصول المذهب وتشهد بصحته الأدلة الظاهرة أنه يكون مصروفا " إلى الرجال من قبيلته ممن ينطلق العرف بأنهم أهله وعشيرته، دون من سواهم، هذا الذي يشهد به اللغة وعرف العادة وفحوى الخطاب، قال الشاعر: " قومي هم قتلوا أميم أخي " " فإذا رميت يصيبني سهمي " قال:
وإنما قلنا إنه يختص بالذكر لقوله تعالى " لا يسخر قوم من قوم ولا نساء