وبمقتضى ما قلناه ينبغي أن يخص هذا الخلاف بما لو وقع قي تلك الأعصار، أما في مثل أوقاتنا هذه ونحوها مما تقدمها وتأخر عنها، فإنه لا ينبغي الريب في انصرافه إلى الإمامية لو كان الواقف منهم، وإنما يبقى الشك فيما لو كان الواقف من أحد تلك الفرق الموجودة الآن، فإنه لا يبعد القول فيه بما ذهب إليه ابن إدريس عملا " بشاهد الحال، وهكذا لو كان في الصدر السابق من أي واقف كان، ونقل عن التذكرة أنه نفى البأس عن قول ابن إدريس، وقال في المسالك:
وهو حسن مع قيام القرينة على إرادته لفريقه، ومع اشتباه الحال فالحكم العموم لعموم اللفظ كالمسلمين، انتهى.
وإنما خص الأصحاب الجارودية من فرق الزيدية بالذكر، لأنهم هم القائلون بإمامة علي عليه السلام بعده (صلى الله عليه وآله) وأما غيرهم من الصالحية والسليمانية والتبرية فإنهم، يقولون بإمامة الشيخين، وإن اختلفوا في غيرهما، والجارودية نسبة إلى أبي الجارود زياد بن المنذر، والله العالم.
ومنها الوقف على الإمامية، والظاهر أنه لا خلاف في أن المراد بهم الاثني عشرية القائلون بإمامة الأئمة الاثني عشر (صلوات الله عليهم)، وفي الدروس صرح باشتراط اعتقاد عصمتهم، بناء على أنه لازم المذهب.
قال في المسالك: وفي اشتراطه نظر وإن كان أولى، قال: ويلزمه اشتراط اعتقاد أفضليتهم على غيرهم، وغيره من معتقدات الشيعة المجمع عليها عندهم، والفتاوى خالية عنه، والظاهر يشهد بخلافه، انتهى.
أقول: لا يظهر لي وجه في هذا الخلاف ولا أثر يترتب عليه، فإنه لا ريب أن القول بإمامة الإمام عليه السلام مستلزم للقول بما يستتبع ذلك من عصمته وأفضليته ونحوهما، إذ المراد من الإمامية هو من قال بإمامتهم واعتقدها مع جميع ما يتبعها، فتصريح الدروس باشتراط اعتقاد عصمتهم دون غيرها لا وجه له، لأن هذا حاصل من غير اشتراط، والتخصيص بالعصمة دون غيرها لا يظهر له، وجه، ونزاعه