الإسلام لا فعلت كذا ففعل لم يكن يمينا، ولا يحنث بخلافه، ولا يلزمه كفارة، وفيه خلاف. ورجع أيضا في مسائل خلافه فقال: إذا قال: أنا يهودي أو نصراني أو مجوسي أو برئت من الإسلام أو من الله أو من القرآن لا فعلت كذا ففعل لم يكن يمينا ولا المخالفة حنثا. ولا يجب به كفارة، واستدل بإجماع الفرقة وأخبارهم وأصالة البراءة. قال: وما ذكره في مبسوطه ومسائل خلافه هو الذي يقوى في نفسي، وإليه أذهب وبه أفتي، لأنا قد بينا أنه لا يمين إلا بالله تعالى وبأسمائه وصفاته (1)، وهذا ليس كذلك، ولأن الأصل براءة الذمة، ولأن اليمين حكم شرعي يحتاج في ثبوته إلى دليل شرعي، والإجماع غير (2) منعقد عليه، وكتاب الله تعالى خال من ذلك، ولا يرجع في ذلك إلى الأخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا (3).
والمعتمد أن نقول: لا يجوز الحلف بذلك، فإن فعل أثم، وإن حنث في يمينه بذلك وجب عليه إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد ويستغفر الله تعالى، لما رواه محمد بن يحيى في الصحيح قال: كتب محمد بن الحسن الصفار إلى أبي محمد العسكري - عليه السلام - رجل حلف بالبراءة من الله ورسوله - صلى الله عليه وآله - فحنث ما توبته وكفارته؟ فوقع: عليه السلام -: يطعم عشرة مساكين لكل مسكين مد ويستغفر الله عز وجل (4).
ولا منافاة بين إيجاب الكفارة لارتكاب اليمين المنهي عنها شرعا معاقبة له ومؤاخذة على فعل ما نهاه الشرع عنه ومقابلة لحنثه فيها، وبين تحريم الحلف بها.