الذي يستحقه العبد من الله تعالى فلا، إذ بديهة العقل حاكمة بأن العبد المطيع الفاعل لما يوجب المدح يستحق العطاء من المولى
الجواد الحكيم كما أشرنا إليه سابقا، وبعبارة أخرى نقول: إن العقل حاكم قطعا بأن من فعل ما يوافق أمر مولاه
الجواد الحكيم يجزيه خيرا ومن خالفه يجزيه شرا، فإن أراد هذا الفاضل أن العقل لا يحكم بهذا المجمل فهو مكابرة ظاهرة، وأن أراد أنه لا يحكم على ذلك مع خصوصيات كون الثواب بالتخليد في الجنة ونيل الحور والقصور وكون العقاب بالنار والحيات ونحو ذلك في الآجل، قلنا: إنا لا ندعي حكم العقل بهذه الخصوصيات، غاية الأمر أنه قد يقع التقييد بذلك في بعض العبارات (1) لكونها من لوازم ذلك المجمل اتفاقا من الفريقين، وإن علم ذلك من الشرع فقط ونظير أوردناه هيهنا ما وقع عن العلامة الدواني في بحث الوجود من حاشيته القديمة عند الكلام على قول شارح الجديد للتجريد. وما قيل: من أن صحة الحكم مطابقته لما في العقل الفعال، فإن صور جميع الكائنات وأحكام الموجودات والمعدومات بأسرها مرتسمة فيه باطل قطعا، لأن كل واحد من العقلاء يعرف أن قولنا: اجتماع النقيضين محال
صدق وحق، مع أنه لم يتصور العقل الفعال أصلا، فضلا عن اعتقاد ثبوته وارتسام صور الكائنات فيه، مع أنه ينكر ثبوته على ما هو
____________________
(1) إشارة إلى أن بعض التعريفات الذي حكموا بكونه محل النزاع خال عن اعتبار خصوصيات أخر كقولهم: الحسن ما لا حرج في فعله والقبيح ما فيه حرج. منه " قده "