الزمان الأول فرد، وفي الزمان الثاني فرد آخر، وهذا غاية
جهله وعدم تدربه (1) في شئ من المعقولات " إنتهى. " أقول: المصنف قدس سره غير ذاهل عن أن البقاء في الباقي الموجود يراد به استمرار الوجود، لكن غرضه في هذا الدليل إثبات عدم القيام في البقاء و الاستمرار المطلق ليلزم منه عدم القيام في البقاء الخاص الحاصل للموجود الباقي، وقد أشار إلى ما ذكرناه بقوله: الاستمرار كما يتحقق في جانب الوجود، كذلك يتحقق في جانب العدم، وحاصل الدليل أن البقاء والاستمرار المطلق مفهوم واحد يستوي إطلاقه على الموجود والمعدوم، فلو اقتضى القيام بالباقي، لزم أن يكون قائما بالباقي المعدوم أيضا لما ذكرنا، فيلزم اتصاف المعدوم بأمر ثبوتي، وإذا كان هذا محالا تعين عدم اقتضائه للقيام بشئ وبه تتم الحجة على الأشعري، ولا يفيد اختيار الشق الثالث كما زعمه الناصب. وأما ما ذكره من أن الجواب الذي نقله المصنف عن
الأشاعرة في رد الدليل الثاني افتراء عليهم، بل أجابوا بمنع احتياج البقاء إلى الجوهر " الخ " فدليل على قصور باعه وقصر نظره على ظواهر الألفاظ من غير تمكنه عن تحصيل حقيقة المعنى، فكلما وجد مخالفة ما بين العبارتين ولو بالتفصيل والاجمال والاطناب والايجاز حكم بمغايرة المعنى، والحاصل أن الجواب الذي ذكره الناصب مصدرا بقوله بل أجابوا بمنع احتياج الذات إليه " الخ " وهو المذكور في المواقف متحد في المعنى مع ما ذكره المصنف (قدس سره) فإن حاصل ما ذكره صاحب المواقف في مقام السند من هذا الجواب بقوله: إذ يجوز أن يكون تحققهما معا على سبيل الاتفاق راجع إلى ما ذكره المصنف من الجواب يجوز أن يقوم البقاء بذاته لا في محل " الخ " لظهور أن الحكم بتحقق الذات
____________________
(1) التدرب: التعود والحذاقة الحاصلة من الممارسة.