رأينا ذكره هيهنا أنه تعالى واجب لذاته فيكون غنيا عن الغير في كمال ذاته وعلى تقدير كون الصفات الحقيقية زائدة على الذات يكون محتاجا في التكميل إلى الصفة المغايرة له، وكل ما هو مغاير له فهو ممكن، لاستحالة تعدد الواجب، فيلزم أن لا يكون مستكملا في حد ذاته، بل محتاجا إلى الممكن فيه، مع أنه غني عن العالمين (1) وتوضيح المرام أن العالم ما يعبر عنه بالفارسية " بدانا " وكذا القادر ما يعبر عنه " بتوانا " وقس عليه باقي الصفات، وتفسيره العالم بما قام به العلم والقادر بما قام به القدرة إنما هو مقتضى اللغة ومسامحتهم فيه كما مر، ولما دل الدليل على عدم قيام الوجود والعلم والقدرة وكذا سائر الصفات به، وأنه موجود عالم قادر، علم أن قيام المبدأ به غير لازم، وبعد هذا نقول: إن صفة الشئ على قسمين: أحدهما ما يقوم به في نفس الأمر كالعلم بالنسبة إلى زيد، وثانيهما عرضي لا يقوم به كالعالم والقادر بالنسبة إليه، فإنهما أعين زيد في الخارج، لصحة حملهما عليه مواطاة (2) وزائدان على مهيته (3)، والصفة بالمعنى الأول زائد على الله تعالى في الخارج، والثاني عينه فيه، والمراد أن صفاته تعالى من القسم الثاني لا الأول الزائد على الذات في الخارج، وقيام المبدء غير لازم، فصح كون الصفات عين الذات، كذا حققه صدر المدققين (4) في بعض مصنفاته العلية (العقلية خ ل)، وأما ما أجاب به الناصب عن أول استدلالات المصنف فمن تخصيص المقدمة الكلية العقلية القائلة:
بأن كل ممكن حادث بما عدا صفاته، فهن تخصيص بارد لا دليل عليه، ومخالف لما
____________________
(1) اقتباس من قوله تعالى في آل عمران. الآية 97.
(2) إشارة إلى الحمل المتواطي، وسنتعرض لشرحه إن شاء الله في محل مناسب.
(3) أي على صورته الحاصلة في العقل لا على ذاته وهويته الخارجية، وهذه الزيادة في الذهن لا في الخارج فافهم " منه قده " ز (4) المراد به السيد صدر الدين الحسيني الشيرازي الدشتكي، وقد مرت ترجمته.