ما هو معلوم
البطلان، وهو أنهم قالوا: إن هذه المعاني لا هي نفس الذات ولا مغايرة لها، وهذا غير معقول، لأن الشئ إذا نسب إلى آخر فأما أن يكون هو هو أو غيره ولا يعقل سلبهما معا " إنتهى. " قال الناصب خفضه الله أقول: مذهب
الأشاعرة أنه تعالى له صفات موجودة قديمة زائدة على ذاته، فهو عالم بعلم وقادر بقدرة، مريد إرادة وعلى هذا القياس، والدليل عليه أننا نفهم الصفات الإلهية من صفات الشاهد وكون علة (1) الشئ عالما في الشاهد هي العلم فكذا في الغائب، وحد العالم هيهنا من قام به العلم، فكذا حده هناك، وشرط
صدق المشتق على واحد ما ثبوت أصله، فكذا شرط فيمن غاب عنا، وكذا القياس في باقي الصفات، ثم أخذ هذا من عرف اللغة وإطلاقات العرف فإن العالم لا شك أنه من يقوم به العلم، ولو قلنا بنفي الصفات لكذبنا نصوص الكتاب والسنة، فإن الله تعالى في كتابه ثبت الصفات لنفسه، كقوله تعالى:
ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما أشاء (2) فإذا ثبت في النصوص إثبات الصفات له فلا بد لنا من الاثبات من غير تأويل، فإن الاضطرار إلى التأويل إنما يكون بعد العجز عن الاجراء على حسب الواقع، وذلك لدلالة الدلائل العقلية على امتناع إجرائه على حسب ظاهره، وهيهنا، ليس كذلك فوجب الاجراء على الظاهر من غير تأويل، وعندي أن هذا هو العمدة في إثبات الصفات الزائدة، فإن الاستدلالات العقلية على إثباتها مدخولة، والله أعلم. ثم ما استدل به هذا الرجل
____________________
(1) الظاهر أن العبارة كذا " وعلة كون الشئ عالما ".
(2) البقرة. الآية 255.