أقول: الفرق " الخ " يدل على غاية
جهله وخبطه (1) وخلطه (2) وعدم تحصيله لمقصود صاحب المواقف من ذلك الكلام، فإن صاحب المواقف بعد ما ذكر من
الأشاعرة دليلهم المشتمل على محذور النقص، ذكر دليلا ثانيا لهم وهو قوله: و أيضا يلزم على تقدير أن يقع
الكذب في كلامه تعالى أن يكون نحن أكمل منه في بعض الأوقات، أعني وقت صدقنا في كلامنا، ثم اعترض على هذا الدليل الثاني بقوله واعلم " الخ " وحاصله على ما أشار إليه الشارح قدس سره الشريف، والشارح الجديد للتجريد (3)، أن هذا الدليل إنما يدل على
صدق الكلام النفسي الذي هو صفة قائمة بذاته تعالى، وإلا لزم نقصان صفته تعالى مع كمال صفتنا، ولا يدل على صدقه في الكلام اللفظي الذي يخلقه في جسم دالا على معنى مقصود منه، لأنه على ذلك التقدير يلزم النقص في فعله، ولا فرق بين النقص في الفعل، وبين القبح العقلي فيه، وهم لا يقولون به، مع أن الأهم بيان صدقه في الكلام اللفظي ثم الناصب لم يذكر الدليل الثاني لأنه لم يفهم تعلق الكلام المنقول به، بل ولم يفهم محصله ومعناه، ومع هذا اعترض عليه بما تراه واهيا ساقطا لا ارتباط له بكلام صاحب المواقف أصلا، ولا في دفع كلام المصنف، وأما ما ذكره: من القول بأن لا مؤثر في الوجود إلا الله لا يستلزم إسناد القبائح إليه تعالى واه أيضا لأن خلق الكلام اللفظي الكاذب قبيح عند العقلاء، وهم يجوزون (4) ذلك، ولا
____________________
(1) الخبط: التصرف في الأمور على غير بصيرة.
(2) الخلط: والخلط في الشئ إفساده بمزج ما يفسده.
(3) من المصرحين به شارح المواقف والشارح الجديد للتجريد. منه قدس سره.
(4) وقد صرح بعض الأشاعرة بجوازه، بناء على أصلهم الغير الأصيل من نفي الحسن والقبح العقليين.