وبالجملة لا يلزم أن يكون إطلاق الألفاظ على وتيرة (1) واحدة، فإن المضئ قد يطلق على ما كان نفس الضوء فلا يصدق عليه بمعنى ما قام به الضوء، وكذا التمار يطلق على من كان بائعا للتمر لا على قام به
التمر، فلا يتجه علينا النقض بالذائق، كما ذكره الناصب الخالي عن ذوق التحقيق، ولا بالمتحرك كما أورده شارح العقائد، ولا ما أورده الشارح الجديد للتجريد: من أنا إذا سمعنا قائلا يقول: أنا قائم، نسميه المتكلم وإن لم نعلم أنه الموجد لهذا الكلام، بل وإن علمنا أن موجده هو الله تعالى (2) كما هو رأي
الأشاعرة " إنتهى " وقد اعترف بهذا فخر الدين الرازي في المسألة الثالثة والأربعين من الباب الأول من القسم الأول من الكتاب الأول من فواتح تفسيره الكبير حيث قال: والتحقيق في هذا الباب أن الكلام عبارة عن فعل مخصوص، جعله الحي القادر لأجل أن يعرف غيره ما في ضميره من الاعتقادات والإرادات، وعند هذا يظهر أن المراد من كون الإنسان متكلما
____________________
(1) الوتيرة. الطريقة.
(2) لا يخفى أن هذا مقلوب عليهم فإنا إذا سمعنا قائلا يقول: أنا قائم نسميه المتكلم، وإن لم نعلم أن الكلام قائم به، بل وإن علمنا أنه ليس قائما به بل بالهواء تأمل.
منه " قده ".