الأمر وهو المطلوب، ولما ثبت أن هيهنا صفة هي غير الإرادة والعلم فنقول: هو الكلام النفساني، فأذن هو متصور عند العقل ظاهر لمن راجع وجدانه غاية الظهور فمن ادعى بطلانه وعدم كونه متصورا فهو مبطل. وأما من ذهب إلى أن كلام الله تعالى هو أصوات وحروف يخلقها الله تعالى في غيره كاللوح المحفوظ أو جبرئيل أو النبي صلى الله عليه وآله وهو حادث، فيتجه عليه أن كل عاقل يعلم أن المتكلم من قامت به صفة المتكلم وخالق الكلام لا يقال: إنه متكلم، كما أن خالق الذوق لا يقال:
إنه ذائق وهذا ظاهر البطلان عند من يعرف اللغة والصرف فضلا عن أهل التحقيق نعم، الأصوات والحروف دالة على كلام الله تعالى ويطلق عليها الكلام أيضا، ولكن الكلام في الحقيقة هو ذلك المعنى النفسي كما أثبتناه " إنتهى " أقول: فيه نظر أما أولا فلأن إثبات الاشتراك لا يجديهم نفعا، لأن الكلام يجب أن يكون مركبا، سواء كان لفظيا أو نفسيا، أما اللفظي فظاهر وأما النفسي فلأن اللفظي لما كان موضوعا بإزاء المعنى المطابق لما في النفس فلو لم يكن النفسي مركبا لم يكن المعنوي مطابقا له، وأيضا الترتيب داخل في مفهوم الكلام، ولا يوجد الكلام بدونه، كما اعترف به الفاضل التفتازاني في شرح العقائد حيث قال: وهذا أي ما ذكره صاحب المواقف من أن الكلام النفسي غير مرتب الأجزاء جيد لمن يتعقل لفظا قائما بالنفس غير مؤلف من الحروف المنطوقة أو المخيلة المشروطة وجود بعضها بعدم البعض، ولا من الأشكال المرتبة (خ ل المترتبة) الدالة عليه، ونحن لا نتعقل من قيام الكلام بنفس اللافظ إلا كون صور الحروف مخزونة مرتسمة في خياله، بحيث إذا التفت إليها كان كلاما مؤلفا من ألفاظ مخيلة أو نقوشا مرتبة، وإذا تلفظ كان كلاما مسموعا " إنتهى " وعلى هذا فما يزوره المتكلم في نفسه عند إرادة التكلم، يجوز أن يكون عبارة عن الألفاظ