أيضا بذلك في كتاب الموسوم بنهج المسترشدين، حيث جعله قسما مقابلا للاعتقاد المنقسم إلى العلم والتقليد
والجهل المركب، وأراد به اطلاع الحيوان على الأمور الخارجية بواسطة الحواس، وحكم بكونه زائدا على العلم مستندا بأنا نجد تفرقة ضرورية بين علمنا بحرارة النار وبين اللمس الذي هو إدراكها، إذا الثاني مؤلم دون الأول، وأيضا لو كان الادراك غير زائد على العلم لزم أن يتصف بالعلم كل ما اتصف به وليس كذلك إذ الحيوانات العجم تتصف به دون العلم، وأما سادسا فلأن ما ذكره من الترديد في بيان كون كلام المصنف غير محصل المعنى، ترديد مردود قبيح لا محصل له، لاتحاد عنوان الشقين أعني قوله: الرؤية التي أراد من الادراك وقوله الاحساس الذي هو الرؤية وهو ظاهر ثم إن إرادة الأعرفية في التحقق و الثبوت كما ذكره الناصب في الشق الأول يقتضي أن يكون الادراك أعرف تحققا وثبوتا، لا مجرد كونه محققا ثابتا حتى يلزم اشتراكه مع كثير من الأجسام و الأعراض كما زعمه الناصب، وأيضا كون كثير من الأجسام والأعراض محققا ثابتا لا يصلح سندا لمنعه أعرفية الادراك بقوله: فلا نسلم الأعرفية، لأن كون كثير من الأجسام والأعراض محققة معروفة، لا يقتضي عدم أعرفية الادراك عنها، وكذا لا محصل لقوله في الشق الثاني أنه إن أراد أن الاحساس الذي هو الرؤية أعرف بالنسبة إلى باقي الاحساسات، ففيه أن كل حاسة بالنسبة إلى متعلقه حالها كذلك الخ لظهور أنه إذا اعتبر الأعرفية بالنسبة إلى باقي الاحساسات، وسلم أن الاحساس البصري أعرف بالنسبة إلى باقي الاحساسات، تم كلام المصنف (1)، ولا يقدح فيه أن يكون لباقي الاحساسات أعرفية بالنسبة إلى متعلقاتها أو غيرها، وبالجملة
____________________
(1) ثم لا يخفى أن المصنف رفع الله درجته قد ذكر هذه المقدمة لبيان وجه الابتداء بذكر بحث الادراك، ويكفي في ذلك معرفة الأشياء به في الجملة تأمل. منه " قده ".