الناهية عن النوم عنها إلى نصف الليل حيث يفهم منها جواز النوم إلى ما قبل النصف بمقدار فعلها ولا يخفى عليك ان الغرض الباعث على تكثير الأدلة انما هو التيمن بذكر الاخبار الصادرة من الأئمة عليهم السلام في الموارد المناسبة لها بقدر الامكان والا فتكثير الأدلة في مثل هذه المسألة من الموهنات خصوصا مع ضعف دلالة بعضها وامكان الخدشة في بعض وقبول بعضها التأويل بأدنى امارة على خلافه فيكفي في اثبات مذهب المشهور على تقدير الاغماض عن جميع ما ذكر خصوص مرسلة الصدوق التي استشهد بها صاحب الحدائق المختارة من قوله عليه السلام أول الوقت رضوان الله واخره عفو الله والعفو لا يكون الا عن ذنب لما أشرنا إليه انفا من أنه لا يفهم من مثل هذه الرواية كغيرها من الأخبار الكثيرة التي لا تحصى الا جواز التأخير وكراهته فهي شاهدة لصرف ما كان مشعرا أو ظاهرا في الحرمة مع أنه يكفي في صرفها إلى الكراهة معروفية توسعة الوقت لدى الشيعة قديما وحديثا حتى أن بعض أصحاب الأئمة عليهم السلام كزرارة جعل برهة من الزمان لا يصلي العصر الا في اخر وقتها عند غيبوبة الشمس كما يشهد بذلك ما رواه ابن أبي عمير قال دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال كيف تركت زرارة قال تركته لا يصلي العصر حتى تغيب الشمس قال فأنت رسولي إليه فقلت له فليصل في مواقيت أصحابه فان من الواضح انه لو لم يكن يعلم زرارة توسعة الوقت وان الاخبار التي ورد فيها الامر بالمسارعة إلى الصلاة في أول وقتها التي وصل الينا كثير منها بواسطته على سبيل الاستحباب لم يكن يؤخر صلاته إلى اخر الوقت لا يقال إن تأخير زرارة للصلاة لم يكن الا لعلة موجبة له فلعله كان مأمورا بذلك من قبل الإمام عليه السلام لبعض المصالح كما يشهد بذلك ما عن الكشي في كتاب الرجال باسناده عن القسم بن عروة عن ابن بكير قال دخل زرارة على أبي عبد الله عليه السلام فقال إنكم قلتم لنا في الظهر والعصر على ذراع ثم قلتم ابردوا بها في الصيف فكيف الابراد بها وفتح الراحة ليكتب ما يقول فلم يجبه أبو عبد الله عليه السلام بشئ فأطبق الراحة فقال انما علينا ان نسئلكم وأنتم اعلم بما عليكم وخرج ودخل أبو بصير على أبي عبد الله عليه السلام فقال إن زرارة سئلني عن شئ فلم أجبه وقد ضقت من ذلك فاذهب أنت رسولي إليه فقل صل الظهر في الصيف إذا كان ظلك مثلك والعصر إذا كان مثليك وكان زرارة هكذا يصلي في الصيف ولم اسمع أحدا من أصحابنا يفعل ذلك غيره وغير ابن بكير لأنا نقول هذا اجمالا مما لا ينبغي الارتياب فيه لكن توسعة العذر إلى هذا الحد مع أن التأخير إلى اخر الوقت لا يجب عند أحد من الخاصة والعامة حتى يخاف من مخالفته من أقوى الامارات على توسعة الوقت وكفاية أدنى عذر في رفع المنقصة المترتبة على التأخير كما أن اختلاف الأخبار الواردة في باب المواقيت التي ستسمعها من أقوى الشواهد على ذلك حيث يستكشف من جميعها توسعة الوقت وكون الروايات المختلفة منزلة على جهات الفضيلة ولو بلحاظ خصوصيات الأوقات والاشخاص بواسطة أدنى ضرورة مقتضية للتقديم أو التأخير بحيث لو كان الوقت في الواقع من الامر المضيق لم يكن يعتني فيه بهذا النحو من المقتضيات هذا مع أنه صرح بعض القائلين لعدم جواز التأخير اختيارا بأنه لو اخر اختيارا فقد عصى ولكنه يعفى عنه ولا يفوت بذلك الوقت بل يجب عليه الاتيان في الوقت الأخير بل ربما يظهر منه كونه مسلما عندهم فعلى هذا لا يترتب على النزاع ثمرة يعتد بها وحكى عن الشيخ الذي نسب إليه مخالفة المشهور انه فسر كلامه في التهذيب بما يوافق المشهور فقال في شرح عبارة المفيد التي يظهر منها وجوب المبادرة إلى الصلاة في أول وقتها وانه لو اخرها ومات فقد ضيع صلاته ولكن لو بقي وأداها في اخر الوقت أو ما بين الأول والاخر عفى عن ذنبه بعد ان ذكر الأخبار الدالة على أفضلية أول الوقت (إذا كان أول الوقت) أفضل ولم يكن هناك منع ولا عذر فإنه يجب فعلها فيه ومن لم يفعلها فيه استحق اللوم والتعنيف وهو مرادنا بالوجوب ولم نرد به هنا ما يستحق بتركه العقاب (لان الوجوب على ضروب عندنا منها ما يستحق تاركه العقاب) ومنها ما يكون الأولى فعله ولا يستحق بالاخلال به العقاب وان كان يستحق به ضرب من اللوم والعتب انتهى فعلى هذا يكون النزاع لفظيا وكيف كان فتفضيل الأقوال المنسوبة إلى الأصحاب المستفادة من ظواهر كلماتهم هو انه نسب إلى المشهور ما سمعت من امتداد وقت الظهرين للمختار من الزوال إلى الغروب ووقت العشائين من الغروب إلى نصف الليل ووقت الصبح من الفجر الثاني إلى طلوع الشمس وقد عرفت ان هذا هو الأقوى بل لا ينبغي الارتياب فيه كما أوضحناه بما لا مزيد عليه لكن بقيت تتمة للكلام فيما يتعلق بأواخر بعضها سيأتي إن شاء الله وقال آخرون وهم الشيخ في المبسوط والخلاف والجمل وسلار في المراسم وابن حمزة في الوسيلة والقاضي على ما حكى عنهم ما بين الزوال حتى يصير ظل كل شئ مثله وقت للظهر للمختار وللعصر من حين يمكن الفراغ من الظهر حتى يصير الظل مثليه للمختار أيضا دون المعذور والمضطر فيمتد الوقت لهما إلى الغروب والمماثلة بين الفئ الزايد والظل الأول عند الشيخ في التهذيب وفخر المحققين في الايضاح على ما حكى عنهما بل عن الأخير نسبة إلى كثير من الأصحاب وربما نسب ذلك إلى المصنف رحمه الله في الكتاب وهو لا يخلو عن تأمل وكيف كان فالمراد بالفئ على ما في المسالك والمدارك ما يحدث من ظل الشخص بعد الزوال وبالظل ما حدث منه قبله والمراد بالظل الأول الباقي منه بعد الزوال انتهى فمعنى العبارة على هذا التقدير حتى يصير ظله الحادث المسمى بالفئ مثل ظله الباقي فضمير مثله يعود إلى الظل وقيل بل مثل الشخص فيكون ضمير مثله رجعا إلى الشئ لا إلى الظل وقد نسب هذا القول في محكي المعتبر وغيره إلى الأكثر بل عن غير واحد نسبته إلى المشهور وفي كشف اللثام بعد ان نسب القول الأول إلى الشيخ في التهذيب والمصنف في الكتاب واعترض عليه بلزوم التحديد بغير المنضبط كما ستعرفه قال والمشهور رواية وفتوى مماثلة الظل للشخص وينبغي إرادة الفئ كما نص عليه في المصباح ومختصره والخلاف والوسيلة والا جاء الاضطراب أيضا انتهى أقول يعني بالاضطراب اختلاف الوقت في الزيادة والنقصان اختلافا فاحشا حيث إن الظل الأول قد ينعدم أو يقرب من الانعدام وقد يبقي قريبا من المثل بحيث تتحق المماثلة في أوائل الاخذ في الزيادة بل قد يبقى في أغلب الأماكن في أواخر الخريف بمقدار ان المثل أو أزيد فيلزمه خلو الفريضة عن التوقيت فلذا ينبغي حمل كلام المشهور على إرادة خصوص الفئ الحادث من ميل الشمس إلى
(٣٥)