حرمته بالنسبة إليهم وجواز تمكينهم منه واما بالنسبة إلى من يصدق عليه اسم الرجل من المجانين والأطفال المراهقين للبلوغ ممن تعمهم أدلة الحرمة بظاهرها لولا حديث رفع القلم واشتراط صحة التكليف بالبلوغ والعقل فقد يقوى في النظر أيضا جواز تمكينهم منه لانتفاء الحرمة في حق الصبي والمجنون بانتفاء شرط التكليف فلا يوصف لبس الحرير الذي حصل بفعلهما بالحرمة بالنسبة اليهما وحيث لا يجرم عليهما اللبس فلا مانع من جواز تمكينهما منه فان حرمة تمكين الغير من لبس الحرير انما هي لكونه إعانة على الاثم ولا اثم في الفرض كي يكون تمكينهما منه إعانة عليه ولكن الأقوى في لجواز إذ لو صح ما ذكر لاقتضى جواز ذلك بعث المجانين والأطفال على ارتكاب سائر المحارم من شرب الخمر واكل مال الغير وغيره من النجاسات والمحرمات وهو واضح الفساد ودعوى ان وضوح فساده انما هو فيما إذا كان الحرم مما علم من حال الشارع إرادة عدم حصوله في الخارج من اي شخص كان بحيث لو قصد شخص ايجاده جهلا أو غفلة لوجب فيه تنبه الغافل واعلام الجاهل وردع غير المكلف ومنعهم عن الفعل واما في مثل هذه الموارد التي لا يجب فيها الردع ما لم يكن الفاعل منجزا في حقه التكليف بالاجتناب كي يندرج في موضوع النهي عن المنكر فلا نسلم حرمة التمكين مدفوعة بان من الواضح انه لا يجوز تقديم الخمر أو لحم الخنزير أو غيرهما من أنواع المحرمات إلى الصبي الصبي والمجنون أو الغافل والجاهل الذي لا يتنجز في حقه التكليف بالاجتناب عنه مع أنه لو تناوله بنفسه جهلا أو غفلة لم يجب منعه بلا اشكال لا لكونه إعانة على الاثم إذ لا اثم في شئ من الفروض بل لان بعث الغير على ارتكاب ما حرمه الله عليه كارتكابه بنفسه للمحرم قبيح عقلا وان لم يتصف فعل المباشر من حيث صدوره منه بالقبح لكونه مكرها أو لغفلته وعدم كونه بعنوانه المحرم اختيارا له اما حقيقة كما في الجاهل والغافل ان حكما كما في المجنون أو الصبي الذي عمدهما خطأ الا ترى انه لو حرم المولى على بعض عبيده فعلا فحمله بعض اخر على ايجاد ذلك الفعل كرها أو من غير التفاوت وشعور استندت المخالفة إلى ذلك الاخر بحيث يحسن مؤاخذته على المخالفة والحاصل انه يستفاد من مثل قوله صلى الله عليه وآله هذان محرمان على ذكور أمتي وقوله عليه السلام وحرم ذلك على الرجال وغير ذلك ان لبس الرجال للحرير مبغوض للشارع فمتى لبسه رجل عن عزم وإرادة فقد اتى بما هو مبغوض للشارع اختيارا واستحق بذلك العقوبة ولو اتى بها مكرها أو جهلا أو نحو ذلك فقد اتى بما هو المبغوض للشارع لكن على وجه لا يوصف من حيث صدوره منه بالقبح لعدم كونه بعنوانه المقبح له اختيارا له ولو وجد هذا الفعل شخص اخر بان مكن ذلك الشخص هذا الرجل من ايجاد هذا الفعل بحيث صدر منه لا عن اختيار فقد صدر القبيح من ذلك الشخص حيث أوجد بالتسبيب ما هو المبغوض للشارع عن عزم واختيار لا يقال إنه لو تم ما ذكر فهو بالنسبة إلى الغافل والجاهل ونحوهما ممن تكون المحرمات محرمة عليهم في الواقع ولكن لا يتنجز عليهم التكاليف الواقعية لجهلهم فمن ألجأهم إلى مخالفة تلك الأحكام الواقعية يكون بمنزلة عبد ألجأ العبد الاخر في مخالفة سيده لا بالنسبة إلى المجنون وغير البالغ الذي لا تكليف عليه في الواقع لأنا نقول عدم كون غير البالغين والمجانين مكلفين باجتناب المحرمات وفعل الواجبات لنقص فيهم لا لقصور في أدلة التكاليف فالتكاليف تكاليف شانيته في حقهم بحيث لو جاز تنجزها في حقهم ومؤاخذتهم على مخالفتها لتنجزت ولكنه لا يجوز شرعا وعقلا فمن حلمهم على مخالفتها ليس الا كمن أوقع الجاهل والغافل في مخالفته التكاليف الواقعية اللهم الا ان يدعى انه يستفاد من مثل قوله عليه السلام رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق مع عدم ملحوظية الصبي والمجنون رأسا في مقام شرع التكاليف فلا اثر للتكاليف بالنسبة إليهم أصلا لا انها تكاليف شانية بحيث يتفرع عليها حسن مؤاخذة المكلف الذي صار سببا لمخالفتها و لكن يتوجه على ذلك ما تقرر في محله من أن المراد بالحديث على ما يتبادر منه رفع قلم المؤاخذة دنيوية كانت أم أخروية فلا يؤاخذ الصبي والمجنون بشئ من مخالفة التكاليف والالتزامات الصادرة منه من العقود والايقاعات وغيرها لا انهما غير ملحوظين رأسا في مقام شرع التكاليف ولذا قوينا صحة عبادات الصبي واستحقاقه الأجر والثواب بإطاعة الفرائض والسنن والاجتناب عن المحرمات والمكروهات بل وكذلك المجنون إذا كان له من العقل بقدر ان يتأتى منه قصد الامتثال ولكن لا يخفى عليك ان ما ادعيناه من حرمة تمكين الغير وبعثه على ارتكاب ما حرمه الله على عبادة وان كان ذلك الغير صبيا أو مجنونا أو غافلا انما هو فيما إذا لم يكن عنوان البلوغ أو العقل أو العمد والاختيار مأخوذا في الأدلة السمعية قيد المتعلق التكليف ولو من حيث الانصراف الناشي من المناسبة بين الحكم وموضوعه أو غير ذلك من الأمور المقتضية للصرف والا فلا تأمل في أنه لو كان مفاد الدليل السمعي الدال على حرمته انه يحرم على العاقل أو على البالغ أو الملتفت أو يجوز ذلك لا يحرم تمكين من لم يندرج في موضوع متعلق الحكم وبعثه على ذلك الفعل اللهم الا ان يعلم من الخارج ان اخذه قيدا في الموضوع لكونه شرطا في صحة التكليف من غير أنه يكون له مدخلية في أصل الحكم فحاله حينئذ حال ما عرفت ويلخصه انه إذا دل الدليل على أن الله تعالى حرم على عباده مثلا شرب الخمر أو اكل لحم الخنزير أو حرم على الرجال لبس الحرير أو النظر إلى الأجنبية أو نحو ذلك فهم من ذلك الدليل ان صدور ذلك الفعل من كل من صدق عليه ذلك العنوان الذي تعلق به الحرمة وهو مطلق العباد في المثالين الأولين ومطلق الرجال في الأخيرين مبغوض لدى الشارع وقبيح من حيث الذات فمتى استند إلى بالغ عاقل مختار صحت مؤاخذته عليه من غير فرق بين ان يكون سببا أم مباشر أو لكن هذا انما هو بحكم العقل والا فالمنساق إلى الذهن من الأدلة السمعية الدالة على الحرمة ارادتها بالنسبة إلى المباشر لا غير وبالنسبة إليه أيضا مخصصة عقلا وشرعا بما إذا كان بالغا عاقلا مختارا فهي بالنسبة إلى فعل السبب قاصرة على إفادة الحرمة وبالنسبة إلى فعل غير البالغ والمجنون مخصصة ولكن منشأ التخصيص لدى العقل والشرع نقص الفاعل وقصوره عن حد التكليف كالغافل والناسي ومتى كان الامر كذلك استقل العقل بقبح فعل من بعثهم على ذلك الفعل كما في المثال المزبور فليتأمل وفيما لا تتم فيه الصلاة منفردا كالتكة والقلنسوة ونحوهما تردد واختلاف بين الأصحاب فعن الشيخ المفيد والصدوق وابن الجنيد المنع وعن العلامة في المختلف
(١٤٠)