استكشاف ما أريد بها ولولا أنهم فهموا من هذه الأخبار ما ينطبق على طلوع الحمرة المشرقية لأمكن حملها على إرادة تنور العالم بإحاطة ضوء الشمس على السماء بحيث تختفي عنده النجوم كما يؤيد ذلك قول صاحب الزمان عجل الله فرجه في خبر الزهري المروي عن الاحتجاج ملعون ملعون من اخر العشاء إلى أن تشتبك النجوم ملعون ملعون من اخر الغداة إلى أن تنقضي النجوم وقد تقدم توجيه اللعن على من اخر العشاء مع أنه أفضل في محله ولأمكن أيضا على بعد حملها على إحاطة ضوء الشمس بالسماء على وجه يظهر اثرها في ناحية المغرب بحيث ينطبق على الخبر المحكى عن دعائم الاسلام عن الصادق عليه السلام قال أول وقت صلاة الفجر اعتراض الفجر في أفق المشرق واخر وقتها ان يحمر أفق المغرب وذلك قبل ان يبدو قرن الشمس من أفق المشرق بشئ ولا ينبغي تأخيرها إلى هذا الوقت لغير عذر وأول الوقت أفضل وعن الفقه الرضوي أول وقت الفجر اعتراض الفجر في أفق المشرق وهو بياض كبياض النهار واخر وقت الفجر ان تبدو الحمرة في أفق المغرب وقد رخص للعليل والمسافر والمضطر إلى قبل طلوع الشمس ويحتمل ان يكون المراد بخبر الدعائم تحديد اخر وقت الاجزاء الذي يتعين عنده فعل الصلاة ولا يجوز تأخيرها عنه ولا ينبغي تأخيرها إلى هذا مع أن ضعف الرواية وكذا الرضوي مانع عن جعلهما قرينة لحمل الاسفار والإضاءة بل وكذا تجلل السماء على بلوغ الضوء إلى هذا الحد مع ما فيه من البعد والله العالم واما وقت النوافل اليومية فللظهر من حين الزوال إلى أن يبلغ زيادة الفيئ قدمين اي سبعي الشاخص وللعصر أربعة اقدام وقيل كما عن جملة من القدماء والمتأخرين ما دام وقت الفضيلة والاختيار على الخلاف السابق باقيا اما مطلقا كما عن غير واحد منهم أو مقيدا بغير مقدار أداء الفريضة كما عن الجمل والعقود والمهذب والجامع وقيل يمتد وقتها بامتداد وقت الفريضة وقد اختار هذا القول في المستند ونسبه إلى جماعة واستظهره من أخرى حيث قال والحق انه يمتد إلى وقت الفريضة وفاقا لجماعة ممن تأخر منهم والدي رحمه الله في المعتمد وهو المحكى عن الحلبي بل ظاهر المبسوط والاصباح والدروس والبيان انتهى والأول اشهر الأقوال وأوضحها مستندا بل هو المشهور كما ادعاه بعض ويدل عليه جملة من الاخبار التي تقدم أغلبها في صدر المبحث عند تحقيق وقت الظهرين منها صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سئلته عن وقت الظهر فقال ذراع من زوال الشمس ووقت العصر ذراع من وقت الظهر فذلك أربعة اقدام من زوال الشمس ثم قال إن حائط مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله كان قامة فكان إذا مضى منه ذراع صلى الظهر وإذا مضى منه ذراعان صلى العصر ثم قال أتدري لم جعل الذراع والذراعان قلت لم جعل ذلك قال لمكان النافلة لك ان تتنفل من زوال الشمس إلى أن يمضي ذراع فإذا بلغ فيئك ذراعا من الزوال بدأت بالفريضة وتركت النافلة وإذا بلغ فيئك ذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة إلى غير ذلك من الاخبار التي استشهدنا بها في أول المبحث فتنزيل الأخبار الكثيرة التي ورد فيها تحديد أول وقت الظهرين بالذراع والذراعين والقدمين والأربعة اقدام على إرادة الوقت المختص بالفريضة وقد وقع في بعضها التصريح بأنه انما جعل كذلك لئلا يكون تطوع في وقت الفريضة ويدل عليه أيضا رواية إسماعيل الجعفي الآتية وفي موثقة عمار التي سيأتي نقلها في مسألة ما لو أدرك منها ركعة قال فان مضى قدمان قبل ان يصلي ركعة بدا بالأولى ولم يصل الزوال الا بعد ذلك وللرجل ان يصلي من نوافل العصر ما بين الأولى إلى أن يمضي أربعة اقدام فان مضت الأربعة اقدام ولم يصل من النوافل شيئا فلا يصلي النوافل الحديث وعن المصنف رحمه الله في المعتبر اختيار القول الثاني والاستدلال عليه بصحيحة زرارة المتقدمة حيث قال بعد ذكرها وهذا يدل على بلوغ المثل والمثلين لان التقدير ان الحائط ذراع فحينئذ ما روى من القامة والقامتين جاري هذا المجري ويدل عليه ما روى علي بن حنظلة ثم أورد الرواية كما قدمناها مع غيرها مما ورد فيها تفسير القامة بالذراع وفيه ما لا يخفى فإنه لا يستقيم حمل القامة في هذه الصحيحة على الذراع حيث قال عليه السلام في ذيل الخبر تفريعا على ذلك فإذا بلغ فيئك ذراعا الحديث هذا مع ما عرفت في محله من أن القامة المفسرة بالذراع أريد بها العهد فلا ينزل عليها اطلاق القامة الواردة في ساير الاخبار وقد صرح في الفقه الرضوي بان حائط مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله كان قامة انسان ونحوه خبر إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام فإنه وان لم يقع فيه التصريح بذلك لكنه يأبى عن إرادة غيره قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان الفيئ في الجدار ذراعا صلى الظهر وإذا كان ذراعين صلى العصر قلت الجدران تختلف منها قصير ومنها طويل قال إن جدار مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله يومئذ قامة وانما جعل الذراع والذراعان لئلا يكون تطوع في وقت الفريضة واستدل في محكى الروضة بان المنقول من فعل النبي والأئمة عليهم السلام وغيرهم من السلف فعل نافلة العصر قبل الفريضة متصلة بها وعلى تقدير الاقدام لا يجتمع فعل صلاة العصر في وقت فضيلتها الذي هو بعد المثل وفعل النافلة متصلة بها بل لابد من الانفصال وفيه انه قد ورد في الأخبار المستفيضة ان النبي صلى الله عليه وآله كان يصلي العصر بعد ان مضى من الفيئ ذراعان وانه انما جعل الذراع والذراعين لمكان النافلة وكفاك شاهدا لذلك صحيحة زرارة ورواية الجعفي المتقدمتين وربما يظهر من كلام الحلي الاستدلال عليه بالاخبار الدالة على امتداد وقت الظهرين إلى المثل والمثلين بحملها على إرادة بيان وقت نافلتهما فإنه نزل الاخبار المختلفة الواردة لتحديد وقت الظهرين المخالفة للأدلة الدالة على امتداد وقتهما من الزوال إلى الغروب على وقت النافلة وحمل اختلافها على الاختلاف من حيث الطول والقصر أو غيره من المحامل وفيه ما لا يخفى واستدل للقول الثالث بجمله من الاخبار المتضمنة لاستحباب هذه النوافل قبل الفريضة بقول مطلق كقولهم عليهم السلام فيما قدمناه من الاخبار إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين الا ان بين يديها سبحة وهي ثمان ركعات ان شئت طولت وان شئت قصرت وقولهم عليهم السلام عند تعداد النوافل ثمان ركعات قبل الظهر وثمان بعدها أو اربع بعدها أو اربع قبل العصر إلى غير ذلك وفيه ان هذه المطلقات مسوقة لبيان حكم اخر لا يصح التمسك باطلاقها
(٤٣)