مطلقا بحيث يعم مثل القطن والكتان فيكون التعبير بما أحل الله اكله للجري مجرى العادة في مقام التعبير بلحاظ المقابلة ومناسبة المقام فعلى هذا التقدير يمكن ابقاء حتى يصلي في غيره على ظاهره من الشرطية بالنظر إلى ما يعتبر وجوده في الصلاة من الساتر ولكن هذا الاحتمال مع مخالفته للظاهر لا يناسب جعل هذه الفقرة غاية لعدم قبول الصلاة الواقعة في الأشياء المعدودة من اجزاء مالا يحل اكله من روثه وألبانه وبوله كما لا يخفى ولا أقل من عدم ظهور الرواية في هذا المعنى كي يصح الاستدلال بها لاثبات اعتبار امر زائد على ما استفدناه من الأخبار الناهية وربما يستدل للقول بالجواز في المشكوك إذا كان مأخوذا من يد المسلمين وسوقهم بالاخبار الدالة على جواز الصلاة فيما يشتري من السوق المتقدمة في اخر كتاب الطهارة عند البحث عن حكم جلود الميتة وفيه ان تلك الأخبار مسوقة لبيان في لاعتناء باحتمال كون ما يشتري من السوق غير مذكي لا مطلق الاحتمالات المنافية لجواز الصلاة فيه خصوصا إذ لم يكن المحتمل على تقدير تحققه منافيا لاسلام البايع ككون الثوب المتخذ منه منسوجا من وبر الأرانب أو حريرا محضا أو غير ذلك ما يجوز بيعه واستعماله في الجملة كما لا يخفى على من راجعها وقد تعرضنا في الأزمنة السابقة لبيان ما يرد على الاستدلال بتلك الأخبار مفصلا في رسالة مستقلة مشتملة على ما استفدناه في هذه المسألة من سيد مشايخنا دام ظله العالي وفيها فوائد جليلة لكنها مبتنية على عدم الفرق بين استفادة الشرطية أو المانعية في عدم جواز الصلاة في المشكوك على التفصيل المتقدم وقد يستدل له أيضا بقوله عليه السلام الناس في سعة ما لا يعلمون وهو لا يخلو عن وجه بناء على ما قويناه من استفادة المانعية من اخبار الباب إذ الظاهر شمول الرواية للتكاليف الغيرية أيضا كالنفسية من غير فرق بين الشبهات الحكمية والموضوعية كما تقرر في محله فمقتضى اطلاقها عدم لزوم التحرز عما يشك في مانعيته سواء كان من حيث الحكم أو الموضوع و اما على تقدير استفادة الشرطية فلا مجال لتوهم الاستدلال بهذه الرواية وأشباهها ضرورة انه بعد فرض مساعدة الدليل على أن وقوع الصلاة في غير ما لا يؤكل لحمه اعتبره الشارع قيدا في مهيتها على سبيل الاشتراط وجب احراز تحققها كذلك لأن الشك فيه مرجعه إلى الشك في اتيان المأمور به الذي علم بوجوبه عليه فليس المكلف في سعة منه وهذا بخلاف ما لو كان وجود غير المأكول مانعا فان الشك فيه حينئذ شك في طرو المنافي لا في الاتيان بما تعلق به التكليف فليتأمل و قد تلخص مما ذكر ان الأظهر جواز الصلاة في المشكوك ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالتجنب عنه الا مع غلبة الظن بكونه من المأكول فإنه لا ينبغي التردد حينئذ في جواز الصلاة فيه لاستقرار السيرة خلفا عن سلف على لبس الثياب المعمولة من الصوف والوبر المحمولة إليهم من البلاد النائية مع قضاء العادة بان عامة الناس لا يعرفون كونها مما يحل اكله الا على سبيل الظن الناشي من الحدس والتخمين لا العلم الغير القابل للتشكيك ولذا صرح بعض القائلين بالمنع بكفاية مطلق الظن تشبثا بالسيرة القطعية وهو لا يخلو عن قوة وان كان الأحوط بل الأقوى على القول بالمنع اعتبار غلبة الظن وبلوغه إلى حد تقريب الوثوق وسكون النفس كما هو الغالب في الثياب الماتى بها من البلاد النائية التي يتعارف لبسها بلا فحص وكذا لا ينبغي الارتياب في جواز الصلاة في الثوب الذي يشك في اقترانه بشئ من فضلات غير المأكول من لعابه أو شعره الملقى على الثوب أو نحو ذلك خصوصا إذا كان الشك في أصل وجوده لا في صفة الموجود لاستقرار السيرة على الصلاة فيما لبسه المصلي من الثياب من غير فحص مع أن العادة قاضية بأنه قل ما يحصل الوثوق بخلوها عن مثل ذلك وكون التكليف بتحصيل الجزم بذلك حرجا شديد ولذا جزم غير واحد من القائلين بالمنع عن المشكوك بنفي الباس عما على الثوب والبدن من الأشياء المشتبهة من الرطوبات والشعرات ونحوها ولكن ينبغي بل يتعين على القول بالمنع الاقتصار على الأشياء المزبورة مما قضت به السيرة القطعية ويشق التحرز عنه دون ما لا سيرة في نوعه ولا تعسر في التجنب عنه كقراب السيف وأشباهه والله العالم بقي الكلام فيما استثنى من عموم ما دل على المنع عن الصلاة في غير المأكول وقد أشرنا فيما سبق إلى أن الأخبار الخاصة الواردة في الباب كثيرة لكنها قل ما تسلم عن المعارض في مواردها بل ربما كان كثير منها مخالفا للمشهور أو المجمع عليه بيننا بل لا يكاد يوجد ما تطابقت النصوص والفتاوي على جواز الصلاة فيه مما لا يؤكل لحمه الا وبر الخز الخالص من وبر الأرانب والثعالب ونحوه فإنه قد ورد فيه اخبار كثيرة دالة على جواز الصلاة فيه سليمة عن المعارض ولم ينقل عن أحد من الأصحاب التصريح بالمنع عنه بل عن جملة من الأصحاب دعوى الاجماع على الجواز وقد ادعى في الجواهر ان عليه الاجماع بقسميه وان المحكى منه كالنصوص متواتر واما جلده فقد وقع الخلاف فيه وربما نسب إلى المشهور فيه أيضا القول بالجواز وفي الحدائق ادعى انه مشهور في كلام المتأخرين وحكى عن ابن إدريس القول بالمنع ونفي عنه الخلاف وعن العلامة في المنتهى متابعته ومما يدل عليه في الوبر صحيحة سليمان بن جعفر الجعفري قال رأيت أبا الحسن الرضا عليه السلام يصلي في جبة خز وصحيحة علي بن مهزيار قال رأيت أبا جعفر عليه السلام يصلي الفريضة وغيرها في جبة خز طاروني وكساني جبة خز وذكر انه لبسها على بدنه وصلى فيها وأمرني بالصلاة فيها وصحيحة زرارة أو حسنته قال خرج أبو جعفر عليه السلام يصلي على بعض أطفالهم وعليه جبة خز صفراء ومطرف خز اصفر وخبر إسماعيل المروي عن امالي ولد الشيخ عن الرضا عليه السلام انه خلع على دعبل قميصا من خز وقال له احتفظ بهذا القميص فقد صليت فيه الف ليلة كل ليلة الف ركعة وختمت فيه القرآن الف ختمة وصحيحة الحلبي قال سئلته عن لبس الخز فقال لا باس به ان علي بن الحسين عليه السلام كان يلبس الكساء الخز في الشتاء فإذا جائه الصيف باعه وتصدق بثمنه وكان يقول اني لأستحي من ربي ان اكل ثمن ثوب قد عبدت الله فيه وموثقة معمر بن خلاد قال سئلت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الصلاة في الخز فقال صل فيه ومقتضى ترك الاستفصال في الخبرين الأخيرين في لفرق بين جلده ووبره ودعوى انصراف الاطلاق إلى خصوص الوبر لتعارفه غير مسموعه ونحوها خبر يحيى بن عمران أنه قال كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام في السنجاب والفنك والخز وقلت جعلت فداك أحب ان لا تجيبني بالتقية في ذلك فكتب إلى بخطه صل فيها وأوضح منهما دلالة عليه رواية ابن أبي يعفور قال كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه رجل من الخزازين فقال له جعلت فداك ما تقول في الصلاة في الخز فقال لا باس بالصلاة فيه فقال له الرجل جعلت فداك انه ميت وهو علاجي وانا اعرفه فقال له أبو عبد الله عليه السلام انا اعرف به منك
(١٢٨)