بالعمل فالأصل في المقام انما هو ظواهر الأدلة المتقدمة التي قد عرفت ان مفادها انما هو حرمة لبس الحرير المحض ولا يتحقق هذا المفهوم عرفا الا إذا صدق على الملبوس من حيث هو انه حرير محض دون ما إذا كان الحرير المحض جزء منه خصوصا إذا كان مثل الكف ونحوه مما بعد عرفا من توابع اللباس لا من مقومات موضوعه بل قد أشرنا إلى أن المتبادر من لا يحل الصلاة في حرير محض من حيث هو مع قطع النظر عن القرائن الخارجية أيضا ليس الا ذلك حيث إن ظاهر إرادة الظرفية الحقيقية بان يكون الحرير المحض لباسا للمصلي لا متعلقا به أو بلباسه بنوع من أنواع العلائق كالكف والعلم ونحوه نعم لا يبعد دعوى صدق لبس الحرير المحض والصلاة فيه على ما إذا كان جزء مستقلا من اللباس بحيث لو انفصل عن الجزء الآخر لعد بنفسه لباسا مستقلا فالأظهر في مثل الفرض عدم جواز الصلاة فيه وحرمة لبسه ولا ينافيه الخبران المتقدمان فإنه وان لا يصدق على المجموع المركب الذي هو ثوب واحد بالفعل انه المصمت من الإبريسم أو انه الحرير المبهم ولكن لا يبعد دعوى انصراف الخبرين عن مثل هذا الثوب الذي يكون جزئه الحرير بمنزلة لباس مستقل ومما يؤيد أيضا نفي الباس عن الكف والعلم ونحوهما رواية الحلبي المتقدمة الدالة على نفي الباس عن كل ما لا تتم فيه الصلاة وحده فإنها باطلاقها شاملة لمثل الكف وأشباهه الا ان المتبادر منها إرادة الا لبسه المستقلة كالقلنسوة والتكة ونحوهما ولذا جعلناها من المؤيدات لا الأدلة مع أنه لا يبعد ان يدعى ان انصرافها عن مثل العلم والكف ونحوهما من توابع الثوب واجزائه ببدوي منشأه خفاء صدق وقوع الصلاة فيه من حيث عدم ملاحظته على سبيل الاستقلال لاحقا ارادته من الرواية على تقدير الصدقة فليتأمل واستدل للقول بالمنع مضافا إلى العمومات التي عرفت حالها بموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الثوب بكون علمه ديباجا قال لا تصل فيه وفيه ان الخبرين المتقدمين المعتضدين بغيرهما مما عرفت نصان في نفي الباس عن العلم فيجمع بينهما وبين الموثقة بحمل النهي على الكراهة كما صرح به في محكى الذكرى وغيره ولكن قد يقال بان الموثقة انما دلت على النهي عن الصلاة في الثوب الذي يكون علمه ديباجا فيمكن الجمع بينها وبين الخبرين بتخصيص الجواز بغير حال الصلاة و يدفعه ما تقدمت الإشارة إليه انفا من بعد ارتكاب التخصيص في الخبرين بالحمل على إرادة اللبس في غير حال الصلاة مضافا إلى ما ربما يظهر من بعض من دعوى كون التفصيل خزفا للاجماع المركب وكيف كان فلا ريب في أن حمل النهي على الكراهة أولى من هذا التخصيص المخالف للمشهور أو المجمع عليه والله العالم وإذا مزج الحرير بشئ مما تجوز الصلاة فيه حتى خرج عن كونه محضا حاز لبسه والصلاة فيه سواء كان ذلك الشئ أكثر من الحرير أو أقل منه بلا خلاف فيه على الظاهر ويشهد له اخبار كثيرة منها خبر عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس بلباس القز إذا كان سداه أو لحمته من قطن أو كتان وخبر أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سئل الحسن بن قياما أبا الحسن عليه السلام عن الثوب الملحم بالقز و القطن والقز أكثر من النصف أيصلي فيه قال لا بأس قد كان لأبي الحسن عليه السلام منه جبات وخبر إسماعيل بن الفضل عن أبي عبد الله عليه السلام في الثوب يكون فيه الحرير فقال إن كان فيه خلط فلا بأس وخبر أبي الحسن الأحمسي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سأله أبو سعيد عن الخميصة وانا عنده سداة إبريسم ايلبسها وكان وجد البرد فأمره ان يلبسها في المجمع خميصة ثوب خز أو صوف مربع معلم قيل ولا تسمى خميصة الا أن تكون سوداء معلمه انتهى في الجواهر والخميصة كساء اسود مربع له علمان انتهى وخبر زرارة قال سمعت أبا جعفر عليه السلام ينهى عن لباس الحرير للرجال والنساء الا ما كان من حرير مخلوط بخز لحمته أو سداه خز أو كتان أو قطن وانما يكره الحرير المحض للرجال والنساء وعن كتاب الاحتجاج عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن صاحب الزمان عجل الله فرجه انه كتب إليه يتخذ بأصفهان ثياب فيها عتابية على عمل أو الوشى من قز وإبريسم هل تجوز الصلاة فيها أم لا فأجاب عليه السلام لا تجوز الصلاة الا في ثوب سداه أو لحمته قطن أو كتان إلى غير ذلك من النصوص التي تقدم بعضها كخبري يوسف بن إبراهيم وصحيحتي محمد بن عبد الجبار وغيرهما وما في بعض الأخبار المتقدمة من تخصيص الجواز بما إذا امتزج بقطن أو كتان أو خز فهو بحسب الظاهر جاري مجرى التمثيل كما أن ما فيها من تعليق الجواز على خصوص ما إذا كان سداه أو لحمته من غير الحرير أيضا مبني على ذلك أريد به بيان إناطة الحرمة بالخلوص وكونه حريرا محضا فتخصيص هذا القسم من الخلط بالتمثيل لعله لغلبة حصول الامتزاج به لا لإرادته بالخصوص فلا ينافيه ما تقدم سابقا من أنه لا بأس بالثوب المكفوف أو المنسوج طرائق بعضها من الحرير خارج عما هو المفروض موضوعا في تلك الأخبار التي وقع فيها تعليق الجواز على ما إذا كان سداه أو لحمته قطن أو كتان لان تلك الأخبار وردت فيما يطلق عليه من حيث هو اسم ثوب الحرير فالمكفوف ونحوه مما لا يطلق عليه هذا الاسم خارج عن موضوعها نعم قد يترائى من خبر إسماعيل بن الفضل المتقدم انه إذا كان الحرير جزء من الثوب أيضا يعتبر فيه الخلط فلا يكفي عدم محوضة الثوب من حيث هو ولكنه لابد من حلمه على ما لا ينافي غيره من الأدلة المتقدمة ويحتمل ان يكون الضمير في قوله عليه السلام ان كان فيه خلط راجعا إلى الثوب لا إلى الحرير بل الظاهر أن المراد بالحرير في كلام السائل كعبارة المتن هو الإبريسم الذي يتخذ منه لثوب لا المنسوج فعلى هذا تعيين ارجاع الضمير إلى الثوب فلا ينافي غيره حينئذ كما لا يخفى تنبيه لا يجوز لبس الذهب للرجال ولا الصلاة فيه اما الأول فاجماعا كما ادعاه غير واحد بل قيل إنه ضروري الدين ويدل عليه مضافا إلى ذلك المستفيضة الآتية واما الثاني فربما يظهر من غير واحد أيضا في لخلاف فيه فيما تتم به الصلاة واما فيما لا تتم به الصلاة كالخاتم ونحوه ففيه خلاف وربما نسب إلى الأكثر البطلان وعن ظاهر المصنف في المعتبر العدم حيث قال على ما حكى عنه ولو صلى وفي يده خاتم من ذهب ففي فساد الصلاة تردد أقربه انها لا تبطل لما قلناه في الخاتم المغصوب ومنشأ التردد رواية موسى بن أكيل النميري عن أبي عبد الله عليه السلام قال جعل الله الذهب حلية أهل الجنة فحرم على الرجال لبسه والصلاة فيه انتهى وفي الحدائق بعد ان حكى ما سمعته عن المعتبر قال وأشار بقوله لما قلناه في الخاتم المغصوب (إلى ما قدمه في مسألة الصلاة في الخاتم المغصوب؟) من أن النهي عنه ليس عن فعل من افعال الصلاة ولا عن شرط من شروطها انتهى أقول بين الرواية المزبورة على ما رواها في الوسائل هكذا عن أبي عبد الله في الحديث انه حلية أهل النار والذهب انه حلية أهل الجنة وجعل الله الذهب في الدنيا زينة النساء فحرم على الرجال لبسه والصلاة فيه ويدل على المنع عن الصلاة فيه مضافا إلى ذلك موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي وعليه خاتم حديد قال لا ولا يتختم به الرجل لأنه من لباس أهل النار وقال لا يلبس الرجل الذهب ولا يصلي فيه لأنه من لباس أهل الجنة
(١٤٣)