خلاف ما عقد عليه قلبه لا يعتني بلفظه ووقتها على المشهور بين المتقدمين عند أول جزء التكبير ولكنك عرفت في مبحث الوضوء وكذا التيمم انه ان بنينا على أن النية اسم عرفا وشرعا لخصوص الإرادة التفصيلية المتوقفة على الاخطار كما عليه المشهور فليس لها وقت محدود إذ المدار في صحة العبارة كما حققناه في نية الوضوء صدورها عن قصد وإرادة بحيث يصح اتصافها للمكلف وهذا لا يتوقف على عزم تفصيلي مقارن الأول جزء من العمل كما نراه بالوجدان في سائر أفعالنا الاختيارية الموجبة لاستحقاق المدح والذم بل يكفي في اتصاف الفعل بكونه كذلك انبعاثه عن عزم وإرادة متقدمة عليه سواء كانت الإرادة التفصيلية الباعثة عليه مقارنة لأول جزء منه أو مفصولة عنه ولو قبل اياد مقدماته ولكن لا يتحقق الانبعاث عن تلك الإرادة السابقة المنبعثة عن قصور الفعل وغايته الا إذا بقيت تلك الإرادة في النفس بنحو من الاجمال بان لم يرتدع ولم يذهل عنها بالمرة حتى يعقل تأثيرها في ايجاد الفعل واتصافه بكونه منويا فالمعتبر حين الفعل انما هو وجود الداعي إليه الذي هو أعم من الإرادة التفصيلية والاجمالية ولذا شاع في السنة المتأخرين تفسير النية المعتبرة في العبادة بالداعي ولكن قد يقال بان هذا خلاف ما يتبادر منها وانما هي في العرف اسم لخصوص الإرادة التفصيلية ولكن لا يشترط في اتصاف الفعل بكونه منويا اقترانه بها وانما المعتبر بقاء اثرها إلى حين صدور الفعل فلا يشترط في نية الصلاة المقارنة وانما يجب استمرار حكمها إلى اخر الصلاة كي يصح اتصافها بكون مجموعها اختيارية وهو الجري على حسب ما يقتضيه تلك النية فحكمها عبارة عن باعثيتها على الفعل كما تقدمت الإشارة إليه وتفسيره بان لا ينقض النية الأولى لا يخلو عن مسامحة ضرورة ان الامر العدمي لا يصلح ان يكون تفسيرا لاستمرار حكمها (فهو من باب تفسير الشئ يلازمه هذا مع أنه قد يتخلف ذلك عن استمرار حكمها) فإنه قد لا ينقض النية الأولى ولكن يذهل عنها بالمرة أو يصدر منه بعض الاجزاء اضطرارا من غير أن يكون من اثار تلك الإرادة فالأولى تفسيره بما ذكرنا واما ان قلنا بان النية اسم للأعم من الإرادة التفصيلية ومن الامر الاجمالي الباقي في النفس المؤثر في صدور الفعل شيئا فشيئا فلا يختص اعتبارها بأول جزء من الصلاة بل يعتبر استدامتها إلى اخر العمل ولا ينافي ذلك ما في جملة من الاخبار من أنه لو زعم في أثناء صلاة انه في غيرها فاتى بباقي اجزائها بنية ذلك الغير وقعت من الأولى كخبر عبد الله بن المغيرة المروي عن الكافي قال في كتاب حريز أنه قال إني نسيت اني في صلاة فريضة حتى ركعت وانا أنويها تطوعا قال فقال عليه السلام هي التي قمت فيها إذا كنت قمت وأنت تنوي فريضة ثم دخلك الشك فأنت في الفريضة وان كنت دخلت في نافلة فنويتها فريضة فأنت في النافلة وان كنت دخلت في فريضة ثم ذكرت نافلة كانت عليك فامض في الفريضة وخبر يونس عن معاوية قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل قام في الصلاة المكتوبة فسهى فظن أنها نافلة أو في النافلة فظن أنها مكتوبة قال عليه السلام هي على ما افتتح الصلاة عليه وخبر عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل قام في صلاة فريضة فصلى ركعة وهو ينوي انها نافلة فقال هي التي قمت فيها ولها وقال إذا قمت وأنت تنوي الفريضة فدخلك الشك بعد فأنت في الفريضة على الذي قمت له وان كنت دخلت فيها وأنت تنوي نافلة ثم انك تنويها بعد فريضة فأنت في النافلة وانما يحسب للعبد من صلاته التي ابتدء في أول صلاته فان مورد هذه الروايات كما هو صريح بعضها وظاهر بعض انما هو ما لو نوى خلاف نية الأولى خطأ فهو لدى التحليل عازم على اتمام ما دخل فيه ولكنه أخطأ في تشخيصه فلا عبرة بخطائه وانما العبرة بما هو عليه في الواقع فيقع ما اتى به بنية الخلاف جزء له لكونه بهذا العنوان مقصودا له فلا ينافي ذلك اعتبار استدامتها حقيقة أو حكما نعم قد يقال بان مقتضى عموم الجواب في بعض هذه الأخبار وظهورها في مقام اعطاء الضابط كقوله عليه السلام في خبر ابن المغيرة هي التي قمت فيها وفي خبر يونس هي على ما افتتح الصلاة عليه وفي خبر ابن أبي يعفور انما يحسب للعبد من صلاته التي ابتدأ في أول صلاته شموله لصورة العمد أيضا كما لو نواها عمدا نافلة وقضاء بزعم جواز العدول وهذا ينافي اعتبار استدامتها حقيقة أو حكما ويدفعه ان المتبادر منها ارادته في صورة الخطاء كما هي موردها وعلى تقدير تسليم شمولها لصورة العمد ونحوها مما لا يبقى معه استدامتها حقيقة أو حكما فهو حكم خاص تعبدي يقتصر على مورده وهو ما لو اتى بجميع الاجزاء بقصد الصلاة ولكن قصد ببعضها صلاة غير ما نواها ابتداء فلا يتعدى عنه إلى صورة خلوة عن القصد بالمرة أو قصد امر اخر غير الصلاة ولو على سبيل التشريك بالجمع بين قصد الغير وقصد جزئيته من الصلاة فان هذا أيضا كقصد الغير ينافي في اعتبار انبعاث الجميع عن تلك الإرادة الباعثة له على الفعل في الابتداء كما هو معنى الاستدامة التي ادعى على اعتبارها الاجماع وقضى به الأدلة الدالة على اعتبار القصد فيها القاضية باعتباره في مجموعها ولكن قوى في الجواهر الصحة مع قصد الجميع فإنه بعد ان قوى البطلان فيما لو نوى بالجزء انه قضاء عن فعل اخر مثلا بعد رفع اليد عن كونه جزء للكل الذي نواه قال ما لفظه اما لو جمع بأن نوى به القضاء مثلا مع كونه جزء مما في يده من الصلاة الأدائية تخيلا منه جواز ذلك أو كان لغوا فقد يقوى الصحة للأصل وتبعية نية الجزء لنية الكل فلا يؤثر فيه مثل هذه النية وقول أبي جعفر عليه السلام في خبر وزرارة المروي عن المستطرفات لا قران بين صومين ولا قران بين صلاتين ولا قران بين فريضة ونافلة لو سلم إرادة الجمع بالنية بين الفرضين مع القرآن فيه محمول على ابتداء الفعل لا ما إذا وقع ذلك في بعض الاجزاء انتهى وفيه ما عرفت من منافاته لاعتبار انبعاث الجميع عن قصد الإطاعة ان أراد الجمع الموجب التشريك في الداعي كما هو الساهر من كلامه والا فغير قادح في الابتداء أيضا ومعنى تبعية نية الجزء لنية الكل انه لا يحتاج الجزء إلى نية مستقلة لا ان قصد الخلاف أو التشريك في الداعي المنافي للاخلاص غير قادح كما هو واضح وقد ظهر لك بالتدبر فيما أسلفناه ان المقصود باشتراط استمرار الداعي الذي هو لدى التحقيق إرادة اجمالية انما هو اعتبار وقوع جميع اجزاء العبادة بداعي امتثال الامر الذي قصد اطاعته وعدم خلو شئ منها عن ذلك ولا شبهة في اعتبار الاستمرار بهذا المعنى فإنه يدل عليه جمع ما دل على اعتبار النية في الصلاة وقد حكى عن الايضاح دعوى اجماع المسلمين عليه واما الاستمرار بمعنى ان لا يحدث في أن من انات العمل وان لم يكن مشتغلا بجزء منه ما ينافي النية الأولى فلا دليل على اعتباره فلو نوى في الأثناء الخروج
(٢٣٥)