ولو قطع أنملة الابهامين وجب السجود على ما بقي منهما لكونه مصداقا للمأمور به دون سائر الأصابع ولو قطعتا من الأصل وأمكن الجمع بين وضع محلهما وسائر الأصابع وضع الجميع احتياطا ولو دار الامر بين أحدهما قال شيخنا المرتضى رحمه الله الظاهر تعين الثاني اي وضع الأصابع كما عن غير واحد التصريح به أقول قد يشكل اثباته بالدليل فإنه ان كان مستندة قاعدة الميسور فهي على تقدير تسليم جريانها في المقام ببعض التقريبات كما ليس بالبعيد فلا تفي باثبات أرجحية السجود على الأصابع من السجود على موضع الابهامين حيث إن لكل منهما جهة مناسبة تقتضي قيامه مقام المتعذر ولا يعلم الترجيح وان كان دعوى انصراف ما دل على السجود على الرجلين إلى إرادة طرفها مقتصرا في تقييده بالابهامين في حق القادر فهي قابلة للمنع اللهم الا ان يستدل له باطلاق النبوي والخبر المروي عن غوالي اللئالي المتقدمين الذين ورد في أولهما الامر بالسجود على أطراف القدمين وفي ثانيهما أطراف أصابع الرجلين مقتصرا في تقييدهما بالابهامين بحال القدرة فالقول به ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط ثم إن المنساق إلى الذهن من السجود على هذه الأعضاء الاعتماد عليها لا مجرد المماسة متحاملا عنها كما عن الذكرى وغيرها التصريح به قيل لعدم تمام المراد من الخشوع ولان الطمأنينة لا تحصل الا بذلك وفيهما ما لا يخفى واستدل له أيضا بما في خبر علي بن يقطين عن الكاظم عليه السلام يجزيك واحدة إذا أمكنت جبهتك من الأرض يعني تسبيحة وخبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام في الرجل يسجد على الحصي ولا يمكن جبهته من الأرض قال يحرك جبهته حتى يتمكن فينحى الحصى عن جبهته ولا يرفع رأسه ولا يخفى عليك ان دلالة الأخبار الواردة في أنه يسجد على سبعة أعظم على المدعى أوضح من دلالة هذين الخبرين الذين غايتهما الدلالة عليه في خصوص الجبهة ولا يجزي طرحه على بعضها والاكتفاء بالمماسة في الاخر فإنه خلاف ما يتبادر من الامر بالسجود على السبعة نعم لا يجب المبالغة في الاعتماد بحيث يزيد على قدر ثقل الأعضاء كما لا يجب تسويتها في المقدار بل بحيث يتحقق معه صدق اسم وضع كل منها على الأرض وهل يجب استقلالها بوضع ثقة عليها بحيث لو شاركها غيرها كبطنه مثلا معها وجهان من دعوى ظهور النصوص في كونه حال السجود واضعا ثقله على هذه السبعة ومن امكان منع هذا الظهور وادعاء ان المتبادر منها ليس الا اعتبار وقوعه على هذه الأعضاء لا انحصار ما وقع عليه فيها ولعل هذا أوجه ولو وضع الأعضاء السبعة على الأرض منبطحا لم يجز وان جافى بطنه بحيث استقل المواضع السبعة بحمل ثقله فإنه خلاف ما هو المتعارف المعهود في الشريعة الذي ينسبق إلى الذهن من الامر بالسجود على سبعة أعظم وربما علل ذلك بعدم صدق اسم السجود بل يسمى ذلك انبطاحا ونوما على الوجه وفيه نظر إذ الظاهر صدق السجود عرفا على الوقوع على الأرض بقصد الخضوع واما لا مع هذا القصد فلا يسمى سجودا وان كان بالكيفية المعهودة وكيف كان فهو غير مجز في غير حال الضرورة جزما لما عرفت واما لو لصق بطنه بالأرض مع كونه على هيئة الساجد ووضع باقي المساجد على كيفيتها الواجبة فيها فالظاهر صحته بناء على عدم وجوب استقلال المساجد في الاعتماد كما تقدمت الإشارة إليه أو كانت الملاصقة مجرد المماسة التي لا ينافيها استقلال المساجد بل لا ينبغي الاستشكال فيه في هذه الصورة وان كان خلاف الأفضل في حق الرجال كما ستعرف ان الله في ادابه الثاني وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه من الأرض ونباتها مما مر البحث فيه مفصلا في المكان فلو سجد على كور العمامة يفتح الكاف واسكان الواو اي دورها لم يجز فإنها من الملبوس فلا يصح السجود عليه ويحتمل كونه تفريعا على اعتبار وضع الجبهة فلا يصح وان فرض كونها من حيث هي مما يصح السجود عليه أو فرض كون شئ مما يصح السجود عليه من خشية أو تربة موضوعا بين كور العمامة وجبهته بدعوى انه لا يتحقق معه اسم وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه بل وضعها مع ما يصح السجود عليه على شئ اخر ولكنه لا يخلو عن تأمل بل منع إذ لا يعتبر في صدق اسم الوضع انفصال الموضوع عليه عن العضو الموضوع قبل ان يتحقق وضعه عليه ولذا صرح غير واحد بنفي البأس عنه فعن البيان أنه قال لو كانت العمامة مما يصح السجود عليه أو ادخل بين الجبهة والعمامة مسجدا صح وعن المتهى لو وضع بين جبهة وكور العمامة ما يصح السجود عليه كقطعة من خشبة يستصحبها في قيامه وركوعه فإذا سجد كانت جبهته موضوعة عليها صحت صلاته بل قال شيخنا المرتضى رحمه الله ويظهر من اقتصار نسبة الخلاف إلى المبسوط في البيان والذكرى في لخلاف عن غيره بل ستعرف ان الشيخ أيضا لم يخالف في ذلك وكيف كان فقد حكى عن الشيخ أنه قال ولا يجوز السجود على شئ وهو حامل له ككور العمامة وطرف الرداء واكمام القميص فقد يلوح من هذه العبارة ان المانع عنه كونه حاملا له لا ملبوسا أو منافيا لتحقق مفهوم الوضع ولذا ضعفه جل من تأخر عنه على ما نسب إليهم بعدم كون الحمل منافيا للصحة وعن الذكرى أنه قال إن قصد لكونه من جنس ما لا يسجد عليه فمرحبا بالوفاق وان جعل المانع نفس الحمل كمذهب العامة طولب بدليل المنع انتهى ولكن حكى عن الشيخ انه استدل على ما أفتى به من المنع بأنه قد ثبت عدم جواز السجود على الملبوس وجميع ذلك ملبوس فلا يصح السجود عليه فعلى هذا لا مخالفة في البين وان أوهمها صدر عبارته وربما يوجه المنع في المقام بعدم صدق اسم تعدد وضع الجبهة المتوقف عليه صدق السجدتين فكان مبنى هذا التوجيه تسليم صدق أصل الوضع ولكن تعدده يتوقف على انفصال الجبهة على الموضع والا فمجموعه وضع واحد فيمتنع ان يحصل معه سجدتا وفيه انه لا يكفي في صدق اسم الوضع مجرد اتصالها بالموضع كي يكون استدامته مانعة عن صدق اسم تعدد الوضع بل يعتبر فيه الاعتماد فإذا رفع رأسه من السجود والتصق مسجده بجبهته لا يكون في هذا الحين جبهته موضوعة عليه بل حاملة له فإذا عاد السجود السجود واعتمد عليه صدق عليه ثانيا اسم الوضع فهو وضع اخر مغائر للوضع الأول مع أن التصاق شئ بجبهته من تربة أو نحوها ان لم يكن منافيا لأصل السجود شرعا فليس مانعا عن صدق تعدده عند تكرر هيئته كما لا يخفى فالأشبه عدم اعتبار انفصال ما يصح السجود عليه عن الجبهة قبل وضعتها عليه اللهم ان يدعى ان المتبادر من الامر بالسجود على الأرض أو نباتها وضع جبهته المنفصلة عنها عليها فله وجه الا ان يقال
(٣٤٣)