كما صرح به غير واحد بل ربما نزل عليه اطلاق غيره أو أعم كما ربما يستظهر ذلك من اطلاق كلماتهم وعلى تقدير الاختصاص بصورة الجمع فهل هو مخصوص صوم الجمعة كما يستشعر من تخصيصهم بالذكر أو ان الحكم كذلك في مطلق الجمع بين الظهرين بل بين فريضتين في الأداء مطلقا كمالا بالمشهور بل في القضاء أيضا كما تقدمت الإشارة إليه انفا ولا يخفى عليك ان مقتضى عمومات الأدلة واطلاقها مشروعية الأذان لكل من الفرائض الخمس مطلقا كقوله عليه السلام في خبر صفوان لابد في الفجر والمغرب من أذان وإقامة إلى أن قال ويجزيك إقامة بغير أذان في الظهر والعصر والعشاء الآخرة والأذان والإقامة في جميع الصلوات أفضل وفي خبر الصباح بن سبابة لا تدع الأذان في الصلوات كلها فان تركه فلا تتركه في المغرب والفجر وفي خبر سماعة لا تصل الغداة والمغرب الا بأذان وإقامة ورخص في سائر الصلوات بالإقامة والأذان أفضل إلى غير ذلك من الأخبار الدالة عليه المتقدمة في صدر المبحث وهي باطلاقها تدل على استحباب الأذان في كل صلاة سواء اتى بها وحدها أم مع سابقتها فهذا هو الأصل في هذا الباب لا يعدل عنه الا بدليل إذا عرفت ذلك فنقول نقل في المدارك عن الشيخ انه استدل على ما اختاره من سقوط أذان العصر يوم الجمعة مطلقا بما رواه في الصحيح عن ابن أذينة عن رهط منهم الفضيل وزرارة عن أبي جعفر عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين وجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد و إقامتين وعن حفص بن غياث عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال الأذان الثالث يوم الجمعة بدعة ثم اعترض عليه بقوله ويتوجه عليه ان الرواية الأولى انما يدل على جواز ترك الأذان للعصر والعشاء مع الجمع بين الفرضين في يوم الجمعة وغيره وهو خلاف المدعى واما الرواية الثانية فضعيفة السند قاصرة المتن فلا تصلح لمعارضة الأخبار الصحيحة المتضمنة لمشروعية الأذان في الصلوات الخمس وقد حملها المصنف وغيره على أن المراد بالأذان الثالث الأذان الثاني للجمعة لأن النبي صلى الله عليه وآله شرع للصلاة أذانا وإقامة فالزيادة ثالث وهو تكلف مستغنى عنه انتهى أقول اما المناقشة في الرواية الثانية ففي محلها فإنها بعد الغض عن سندها رواية مجملة يتطرق في توجيهها وجوه أقربها ان يكون المراد بها أذانا خاصا أبدعها العامة في عصر معاوية أو عثمان على ما قيل واما الصحيحة فإنما يتوجه عليه الاعتراض المزبور لو أريد بها الاستدلال لسقوط أذان العصر في خصوص يوم الجمعة لا غير ولكن استشهاده بهذه الصحيحة يشهد بان غرضه اثبات سقوطه يوم الجمعة لدى الاتيان بما هو وظيفته من الجمع بين الصلاتين في أول الوقت من حيث الجمع لا من حيث كونه في يوم الجمعة فالنكتة في تخصيص عصر يوم الجمعة بالذكر استحباب المبادرة إلى فعلها عقيب الظهر بلا فصل بخلاف سائر الأيام كما أنه يفهم من استشهاده بهذه الصحيحة ان غرضه السقوط في صورة الجمع لا مطلقا كما يؤيد ذلك كله ما عن المعتبر من أنه قال يجمع يوم الجمعة بين الظهرين بأذان وإقامتين قاله الثلاثة واتباعهم لأن الجمعة مجمع فيها بين الصلاتين انتهى فإنه يدل على أن غرضهم السقوط في صورة الجمع لا مطلقا كما يوهمه اطلاق كلامهم وان علته الجمع من حيث هو لا من حيث كونه في يوم الجمعة وكيف كان فهذه الصحيحة تدل على سقوط الأذان للعصر والعشاء مع الجمع بين الفرضين بمعنى الرخصة في تركه وجواز الاكتفاء بأذان واحد للصلاتين فلا ينافي ذلك جواز فعله بل أفضليته من تركه من حيث هو ضرورة انه ربما كان يصدر عن النبي والأئمة عليهم السلام ترك بعض المستحبات لغرض أهم كترك التطوع في تلك الموارد التي جمعوا بين الصلاتين ونحو هذه الصحيحة في الدلالة على ما ذكر رواية صفوان الجمال قال صلى بنا أبو عبد الله عليه السلام الظهر والعصر عندما زالت الشمس بأذان وإقامتين ثم قال إني على حاجة فتنفلوا أو صحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين وجمع في المغرب والعشاء في الحضر من غير علة بأذان وقامتين وبما أشرنا إليه من في لتنافي بين هذه الأخبار وبين ما دل على استحبابه مطلقا ظهر ما في كلام غير واحد ممن التزم بحرمته مع الجمع لأصالة في لمشروعية زاعما ان هذه الأخبار مقيدة لاطلاقات تلك الأدلة فهي مخصوصة بصورة التفريق ففعله مع الجمع تشريع محرم وربما أيد بعضهم ذلك باستقرار سيرة النبي والأئمة عليهم السلام على ترك الأذان في الموارد التي صدر منهم الجمع أو امر وفيها بالجمع وفيه مع انتقاضه بترك التطوع في تلك الموارد المعلوم استحبابه ما لا يخفى فإنهم لم يكونوا يأمرون بالجمع الا في الموارد التي يناسبها التوسعة والتسهيل وكذا لم يكن يصدر منهم الجمع الا أحيانا لبعض الأمور المقتضية له من الاستعجال أو بيان الرخصة أو غير ذلك مما يناسبه الاكتفاء بأذان واحد للفرضين نعم قد يقال بان مواظبتهم على ترك أذان العصر يوم الجمعة مع استقرار السيرة على جمعها مع الجمعة أو الظهر يكشف عن مرجوحيته في يوم الجمعة والا لما استقر سيرتهم عليهم السلام على الترك ويمكن دفعه بعد تسليم الصغرى بان من الجائز ان يكون ذلك الأفضلية المبادرة إلى الخروج عن عهدة الواجب والاستعجال فيه رعاية لحال ضعفاء المأمومين أو غير ذلك من العناوين الراجحة الحاصلة بالترك من فعل الأذان المسبوق بأذان يجوز الاكتفاء به فيكون فعله مرجوحا بالإضافة إلى ترك المجامع مع فعل الصلاة لا مطلقا كي ينافي مشروعيته ووقوعه عبادة نظير التطوع في وقت الفريضة بناء على ما قويناه في محله من جوازه ووقوعه عبادة مع مرجوحيته بالإضافة إلى المبادرة إلى فعل الفريضة فهو في حد ذاته راجح ولكن تركه المجامع للمبادرة في جميع مواقع الجمع سواء كان الجمع في حد ذاته راجحا أم مرجوحا أرجح كما نبه عليه الشهيد وغيره فعلى هذا يشكل الترخيص في الأذان للثانية في شئ من موارده لو سملنا تمامية الاستدلال بشئ مما ذكر لعدم مشروعيته في شئ من موارده وعلى تقدير الخدشة في كل واحد واحد من الأدلة المزبورة بقصوره الا عن إفادة الرخصة في الترك الغير المنافية لاستحباب فعله كما يقتضيه اطلاقات الأدلة أمكن ان يقال إن هذا بالنظر إلى كل واحد واحد منها واما بملاحظة المجموع فربما يحصل منها خصوصا بعد الالتفات إلى شهرة القول بالمنع ونقل الاجماع أو السيرة عليه في بعض الموارد كعصر يوم الجمعة الظن القوي بكون السقوط مع الجمع مطلقا عزيمة لا رخصة فالأحوط ان لم يكن أقوى تركه مطلقا حتى في القضاء لما أشرنا إليه في محله من أن الأقوى مساواته مع الأداء في هذا الحكم ولكن حيث نسب إلى المشهور في القضاء ان الأذان لغير الأولى تركه مع الجمع رخصة وفعله لكل صلاة أفضل فينبغي ان يؤتى به كذلك برجاء المطلوبية على سبيل الاحتياط لا بقصد التوظيف كما أن الأحوط
(٢٠٨)