به من باب الجمع وجعل الاختلاف الواقع في الاخبار كاشفا عن عدم اعتبار الخصوصيات الموجبة للتنافي بينها في قوام مهية المأمور به وان المدار على حصول جنس التسبيح أو الذكر المتحقق في ضمن الجميع كما يشهد له مضافا إلى ذلك صحيحة عبيد بالتقريب المتقدم ولكن يجب تقييد اطلاق الذكر أو التسبيح الواردين في بعض الأخبار المطلقة من حيث المقدار بعدم كونه أقل من ثلاث تسبيحات لما في خبر أبي بصير من التصريح بأنه أدنى ما يجزي من القول في الركعتين الأخيرتين هذا مع أن الأخبار المطلقة بحسب الظاهر ليست مسوقة الا لبيان تخصيص المهية التي هي وظيفة الأخيرتين فليس لها اطلاق من حيث المقدار بل قد يدعى انصرافها بواسطة المناسبة المغروسة في الذهن إلى إرادة ما يساوي القراءة التي هي أحد فردي الواجب المخير حتى أنه جعل بعض ذلك دليلا للقول باعتبار الاثنتي عشرة تسبيحة لمساواتها للقرائة تقريبا وفيه ما لا يخفى خصوصا في مقابلة الأدلة المعتبرة الدالة على الاجتزاء بالأقل الا انه ربما يؤيده بل يمكن استفادته من قوله عليه السلام في صحيحة عبيد و ان شئت فاتحة الكتاب فإنها تحميد ودعاء إذ لو كان مسماه مجزيا لحصل ذلك بقراءة بعض الفاتحة مع أن بعضها لا يجزي فيكشف ذلك عن عدم كفاية صرف حصول المسمى بل لابد ان يكون بمقدار معتد به يقرب من المقدار الذي يتحقق بقراءة الفاتحة فالأحوط ان لم يكن أقوى في لاكتفاء بأقل من ذلك الا على تقدير اختيار شئ من الأذكار الخاصة التي دلت النصوص المعتبرة على كفايتها كالتسبيحات الأربع التي دلت صحيحة زرارة بظاهرها على كونها مجزية أو غير ذلك مما دلت الأخبار المعتبرة على الاجتزاء به هذا مع ما أشرنا إليه من أن التخطي عن الأذكار الخاصة الواردة في النصوص المعتبرة فضلا عن الاجتزاء بصرف حصول المسمى لا يخلو عن اشكال فالأولى بل الأحوط اختيار التسبيحات الأربع الواردة في صحيحة زرارة وأحوط من ذلك تكريرها ثلاثا مع أنه أفضل كما يدل عليه خبر رجاء المتقدم والله العالم فوائد الأولى ينبغي ضم الاستغفار أو شئ من الأدعية مثل اللهم اغفر لي واللهم ارزقني خير الدنيا والآخرة ونحوه إلى التسبيحات لقوله عليه السلام في صحيحتي زرارة المتقدمتين انفا انما هو تسبيح وتهليل وتكبير ودعاء وفي صحيحة عبيد المتقدمة تسبح وتحمد الله وتستغفر لذنبك ويظهر من ذيل الصحيحة ان ذكر الاستغفار من باب كونه دعاء لا لاعتباره بخصوصه كما تقدمت الإشارة إليه انفا فتخصيصه بالذكر على الظاهر لأجل كونه أفضل من غيره فلا يبعد الالتزام باستحبابه بالخصوص كما صرح به غير واحد بل ربما يوهم عبارة العلامة في محكى المنتهى وجود قائل بوجوبه حيث قال الأقرب عدم وجوب الاستغفار ولكن الظاهر أنه غير مراد له كما أوضح ذلك صاحب مطالع الأنوار قدس سره ونفى وجود قائل بالوجوب وقال إني بعد التصفح التام في كتب الأصحاب ما عثرت به ولا نقله ناقل ثم ذكر جملة من الشواهد والامارات المرشدة إلى أن غرض العلامة بهذا التعبير ليس في مقابل قول بل في مقابلة الصحيحة الامرة به كما يلوح ذلك من عبارته المحكية عن منتهاه فإنه قال وقد روى الشيخ في الصحيح عن عبيد بن زرارة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الركعتين الأخيرتين قال تسبح وتحمد الله وتستغفر لذنبك ثم قال فما تضمنته هذه الرواية من الاستغفار الأقرب انه ليس بواجب لرواية زرارة انتهى وعلى تقدير تحقق القول به فهو في غاية الضعف لما أشرنا إليه من أنه يفهم عدم وجوبه من نفس هذه الصحيحة فضلا عن غيرها من الروايات التي هي كالنص في كفاية ما عداه من التسبيحات الثانية انا ان بنينا على كفاية مطلق الذكر أو التسبيح أو التسبيحات الثلاث الواردة في خبر أبي بصير أو مسمى التسبيح والتحميد والتهليل أو مع التكبير أيضا من غير اشتراط الترتيب أو مع الترتيب أيضا على حسب ما ورد في صحيحة زرارة فان اكتفى بما يتحقق به مقدار الواجب فهو أدنى ما يجزي وان زاد عليه حتى أكمل تسع تسبيحات أو العشر أو الاثنتي عشرة تسبيحة فقد اتى بأفضل افراد الواجب وليس الزائد عن القدر الواجب جزء مستحبا مستقلا إذ لم يتعلق به بخصوصه امر مستقل كي يحمل على الاستحباب وشبهة عدم معقولية لاستلزامه التخيير بين الأقل والأكثر قد دفعناها عند التكلم في امكان مشروعية القران بين السورتين مع كونه مكروها وبسطنا الكلام أيضا في حلها في التكبيرات الافتتاحية فراجع الثالثة لو كان من عادته التسبيح في الأخيرتين فقام إلى الثالثة وقرء الحمد يزعم أنها الثانية فذكر في الأثناء أو بعد الفراغ انها الثالثة فهل يجتزي بما قرء أم عليه استيناف القراءة أو التسبيح وجهان من أنه بعنوان كونه وظيفة الأخيرتين غير اختياري له فلا يقع إطاعة للامر التخييري المتعلق به خصوصا بعد فرض كونه على تقدير الالتفات لم يكن يختار هذا الفرد ومن أن العبرة في صحة اجزاء الصلاة انبعاثها عن الإرادة الاجمالية المغروسة في النفس المسببة عن قصد إطاعة الامر بالصلاة حين الشروع فيها على تقدير مصادفتها لمحلها ولا يعتبر فيها كون مصادفتها للمحل أيضا اختياريا ولهذا لو تشهد بزعم كونه عقيب الرابعة فانكشف وقوعه عقيب الثانية أو بالعكس اجزئه وان فرض انه لم يكن يختار مع الالتفات عقيب الثانية الا التشهد الخفيف وعقيب الرابعة التشهد الطويل أو بالعكس وكذا لو كان من عادته قراءة سورة القدر في الركعة الأولى والتوحيد في الثانية فعكس ذلك سهوا أو قرء القدر في الثانية باعتقاد انها الأولى أو بالعكس اجزئه وكون وجوب الفاتحة في الأوليين عينيا وفي الأخيرتين تخييريا لا يصلح فارقا بين المقامين بعد ما أشرنا إليه من أن العبرة في صحة اجزاء الصلاة حصولها في محالها بقصد الجزئية للصلاة المنوي بها التقرب لا بحصول إطاعة الامر الخاص المتعلق به كي ينافيه الاشتباه ولكن هذا فيما إذا كان حصوله بهذا الوجه كافيا في وقوعه على الوجه الذي اعتبره الشارع جزء من الصلاة وكونه كذلك في المقام محل تأمل خصوصا بعد الالتفات إلى ما يستفاد من الأخبار المتقدمة في صدر المبحث من أن وظيفة الأوليين من حيث هي القراءة ووظيفة الأخيرتين التسبيح والذكر وانما يجتزي بالفاتحة في الأخيرتين لأنها تحميد ودعاء فيختلف وجه وجوبها في المقامين فما لم يقصد بقرائتها وجه وجوبها ولا إطاعة الامر التخييري المتعلق بها في الأخيرتين بل إطاعة امر اخر غير منجبر في حقه لا يحصل الجزم بوقوعه على الوجه الذي اراده الشارع فيشكل الاكتفاء به في مقام الإطاعة بل يجب في مثله الاحتياط كما عرفته في مبحث النية فالقول بالاستيناف مع أنه أحوط لا يخلو عن قوة وكذا فيما لو كان عازما على اختيار التسبيح
(٣١٩)