ميلها عن دائرة نصف النهار عند استقبال نقطة الجنوب كما هو واضح فالمقصود بذكر مثل هذه العلائم بيان ما يعرف به دخول الوقت في أوائله لا ما يمين به أوله على سبيل التحقيق وقد وقع التنبيه على هذه العلامة فيما روى عن مجالس الشيخ مسندا عن أمير المؤمنين عليه السلام ان رجلا سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن أوقات الصلاة فقال صلى الله عليه وآله اتاني جبرئيل عليه السلام فأراني وقت الظهر حين زالت الشمس فكانت على حاجبه الأيمن الحديث ويعلم الغروب اي غروب الشمس الذي هو أول وقت صلاة المغرب اجماعا كما عن جماعة نقله باستتار القرص عن العين في الأفق مع في لحائل كما عن غير واحد من القدماء كالصدوق في العلل وظاهر الفقيه وابن أبي عقيل والمرتضى والشيخ في مبسوطه وجماعة من المتأخرين وقيل بذهاب الحمرة من المشرق وهو الأشهر بل المشهور كما ادعاه غير واحد ومنشأ الخلاف اختلاف الاخبار فمما يدل على الأول صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول وقت المغرب إذا غربت الشمس فغاب قرصها وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر والعصر وإذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء ورواية يزيد بن خليفة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ان عمر بن حنظلة اتانا عنك بوقت فقال أبو عبد الله عليه السلام إذا لا يكذب علينا قلت قال وقت المغرب إذا غاب القرص الا ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا جد به السير اخر المغرب ويجمع بينهما وبين العشاء فقال صدق وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال وقت المغرب إذا غاب لقرص فان رايته بعد ذلك وقد صليت أعدت ومضى صومك وتكف عن الطعام ان كنت أصبت منه شيئا وموثقة زيد الشحام قال قال رجل أؤخر المغرب حتى تستبين النجوم فقال أخطابية ان جبرئيل نزل بها على محمد حين سقط القرص ومرسلة الصدوق قال قال أبو جعفر عليه السلام وقت المغرب إذا غاب القرص وقال أيضا وقال الصادق عليه السلام إذا غابت الشمس فقد حل الافطار ووجبت الصلاة وإذا صليت المغرب فقد دخل وقت العشاء الآخرة إلى انتصاف الليل ورواية جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا غاب القرص افطر الصائم ودخل وقت الصلاة وخبر داود بن أبي يزيد قال قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام إذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب وخبر عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول صحبني رجل كان يمسي بالمغرب ويغلس بالفجر وكنت انا أصلي المغرب إذا غربت الشمس واصلي الفجر إذا استبان الفجر فقال لي الرجل ما يمنعك ان تصنع مثل ما اصنع فان الشمس تطلع على قوم قبلنا وتغرب عنا وهي طالعة على قوم آخرين بعد فقلت انما علينا ان نصلي إذا وجبت الشمس عنا وإذا طلع الفجر عندنا وعلى أولئك ان يصلوا إذا غربت الشمس عنهم ونوقش في دلالة هذه الأخبار بان غاية مفادها كون وقت المغرب عبارة عن غيبوبة الشمس التي هي عبارة أخرى عن غروبها وقد تقدم في صدر العنوان الإشارة إلى أن هذا مما لا خلاف فيه وانما البحث فيما به يتحقق الغروب وبالجملة ان غيبوبة القرص وغروب الشمس ونحو ذلك من العبائر مجملة قابلة للحمل على كل من القولين إذ لفظ القرص ولفظ الشمس بمعنى واحد ولفظ غيبوبة الشمس ولفظ الغروب بمعنى واحد وفيه مالا يخفى فان انكار ظهور مثل هذه الروايات في القول الأول مجازفة محضة بل المتبادر من غروب الشمس للذي ورد التحديد به في غير واحد من الاخبار أيضا ليس الا استتار قرصها في الأفق نعم حمل الاخبار التي ورد فيها التحديد بالغروب على ما يطابق المشهور توجيه قريب هذا بخلاف الأخبار المتقدمة التي وقع التعبير فيها بغيبوبة القرص ونحوها مظنة للتورية وقابلا لاحتمال إرادة خلاف الظاهر مثل رواية علي بن الحكم عمن حدثه عن أحدهما عليهما السلام انه سئل عن وقت المغرب فقال إذا غاب كرسيها قلت وما كرسيها قال قرصها قلت متى يغيب قرصها قال إذا نظرت إليه فلم تره فان سؤاله عن انه متى يغيب القرص يشعر بان مثل هذا التعبير كان عندهم من مواقع الريبة إذ لو لم يكن الذهن مسبوقا بالشبهة لا يكاد يتوهم من غيبوبة قرص الشمس الا إرادة ما ذكره الإمام عليه السلام في تفسيرها وكيف كان فهذه الرواية صريحة الدالة على القول المذكور ونحوها ما عن مجالس الصدوق عن الربيع بن سليمان وابان بن أرقم وغيرهم قالوا اقبلنا من مكة حتى إذا كنا بوادي الأخضر إذا نحن برجل يصلي ونحن ننظر إلى شعاع الشمس فوجدنا في أنفسنا فجعل يصلي ونحن ندعو عليه ونقول هو شباب من شباب أهل المدينة فلما اتيناه إذا هو أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام فنزلنا فصلينا معه وقد فاتتنا ركعة فلما قضينا الصلاة قمنا إليه فقلنا جعلنا الله فداك هذه الساعة تصلي فقال إذا غابت الشمس فقد دخل الوقت وينظر من هذه الرواية كون تأخر وقت المغرب عن غيبوبة الشمس مغروسا في أذهان الشيعة في عصرهم أيضا كما في هذه الاعصار بحيث كانوا يرون اتيانها بعد الغيبوبة مع بقاء الشعاع من شعار المخالفين وعن كتاب المجالس أيضا عن محمد بن يحيى الخثعمي قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي المغرب ويصلي معه حي من الأنصار يقال لهم بنو سلمة منازلهم على نصف ميل فيصلون معه ثم ينصرفون إلى منازلهم وهم يرون مواضع سهامهم وفي بعض النسخ بدل سهامهم نبلهم وعن المجلسي رحمه الله في البحار من طرق المخالفين انهم رووا عن جابر وغيره نحوه قالوا كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وآله ثم نخرج نتناضل حتى ندخل بيوت بني سلمه فننظر إلى مواضع النبل من الاسفار وموثقة سماعة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام في المغرب انا ربما صلينا ونحن نخاف أن تكون الشمس باقية خلف الجبل أو قد سترنا منها الجبل قال فقال ليس عليكم صعود الجبل وخبر زيد الشحام قال صعدت مرة جبل أبي قبيس والناس يصلون المغرب فرأيت الشمس لم تغب انما توارت خلف الجبل من الناس فلقيت أبا عبد الله عليه السلام فأخبرته بذلك فقال لي ولم فعلت ذلك بئس ما صنعت انما تصليها إذا لم ترها خلف جبل غابت أو غارت ما لم تجللها سحاب أو ظلمة وانما عليك مشرقك ومغربك وليس على الناس ان يبحثوا ونوقش في الخبرين الأخيرين بأنهما لا ينطبقان على شئ من القولين اما على القول المشهور
(٢٧)