قال العمائم اعتم رسول الله فسدلها بين يديه ومن خلفه واعتم جبرئيل فسدلها من بين يديه ومن خلفه وعن أبي جعفر عليه السلام قال كانت على الملائكة العمائم البيض المرسلة يوم بدر وعن أبي عبد الله عليه السلام قال عمم رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام بيده فسدلها بين يديه وقصرها من خلفه قدر اربع أصابع ثم قال أدبر فأدبر ثم قال أقبل فأقبل ثم قال هكذا تيجان الملائكة وعن ياسر الخادم قال لما حضر العيد بعث المأمون إلى الرضا عليه السلام يسئله ان يركب ويحضر العيد ويصلى ويخطب فبعث الرضا عليه السلام إليه يستعفيه فالح عليه فقال إن لم تعفني خرجت كما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام فقال المأمون اخرج كيف شئت وساق الحديث إلى أن قال فلما طلعت الشمس قام فاغتسل واعتم بعمامة بيضاء من قطن القى طرفا منها على صدره وطرفا بين كتفيه وتشمر ثم قال لجميع مواليه افعلوا مثل ما فعلت الخبر وعن السيد ابن طاوس في كتاب الأمان عن أبي العباس في كتابه الذي سماه كتاب الولاية باسناده قال بعث رسول الله صلى الله عليه وآله يوم غدير خم إلى علي عليه السلام فعممه وأسدل العمامة بين كتفيه وقال هكذا أيدني ربى يوم حنين بالملائكة معممين قد أسدلوا العمائم وذلك حجر بين المسلمين والمشركين الحديث وقال في حديث اخر عمم رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام يوم غدير خم عمامة فأسدلها بين كتفيه وقال هكذا أيدني ربى بالملائكة الحديث وقد ذكر الأصحاب رضوان الله وجوها للجمع بين الاخبار منها ما عن المحدث المجلسي رحمه الله من ارجاع التحنك والتلحي المأمور به في الطائفة الأولى من الاخبار إلى السدل قال في محكى البحار بعد نقل اخبار التحنك ما صورته ولنرجع إلى معنى التحنك والظاهر من كلام بعض المتأخرين هو ان يدير جزء من العمامة تحت حنكه ويغرزه في الطرف الآخر كما يفعله أهل البحرين في زماننا ويوهمه كلام بعض اللغويين أيضا والذي نفهمه من الاخبار هو ارسال طرف العمامة من تحت الحنك واسداله كما مر في تحنيك الميت وكما هو المضبوط عند سادات بنى حسين اخذوه عن أجدادهم خلفا عن سلف ولم يذكر في تعمم رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة صلى الله عليه وآله الا هذا ولنذكر بعض عبارات اللغويين وبعض الأخبار ليتضح لك الامر في ذلك قال الجوهري التحنك التلحي وهو ان تدير العمامة من تحت الحنك وقال الاقتعاط شد العمامة على الرأس من غير إدارة تحت الحنك وفي الحديث انه نهى عن الاقتعاط وامر بالتلحي وقال التلحي تطويق العمامة تحت الحنك ثم ذكر الخبر وقال الفيروزآبادي اقتعط تعمم ولم يدر تحت الحنك وقال العمة الطابقية هي الاقتعاط قال تحنك أدار العمامة تحت حنكه وقال الجزري فهي انه نهى الاقتعاط هو ان يعتم بالعمامة ولا يحبس منها شيئا تحت ذقنه وقال فيه انه نهى من الاقتعاط وامر بالتحلي هو جعل بعض العمامة تحت حنكه والاقتعاط ان لا يجعل تحت حنكه منها شيئا وقال الزمخشري في الأساس اقتعط العمامة إذا لم يجعلها تحت حنكه ثم ذكر الحديث وقال الخليل في العين يقال اقتعط العمامة إذا اعتم بها ولم يدرها تحت الحنك ثم ذكر جملة من الأخبار المتقدمة الدالة على الاسدال إلى أن قال لم يتعرض في شئ من تلك الروايات لإدارة العمامة تحت الحنك على الوجه الذي فهمه أهل عصرنا مع التعرض لتفصيل أحوال العمائم وكيفيتها وأكثر كلمات اللغويين لا تأبى عما ذكرنا إذ إدارة رأس العمامة من خلف إلى الصدر إدارة أيضا بل كلام الجزري والزمخشري ظاهر في ذلك حيث قالا إن لا يجعل شيئا منها تحت حنكه انتهى وفيه ما لا يخفى من التكلف ومخالفته لظاهر الأخبار المتقدمة وكلمات اللغويين بل صريحها فالتحنك والتلحي ليس الا إدارة شئ من العمامة تحت الحنك على حسب ما هو المتعارف في الأعصار والأمصار والاسدال الوارد في الأخبار المتقدمة مخالف لهذه الكيفية بلا شبهة خصوصا باق بعضها من أنه أسدلها بين كتفيه فأين هذا من إدارة شئ تحت حنكه ولقد أطنب في الحدائق في التعريض عليه ببيان ما يرد عليه من وجوه الضعف ثم اختار في مقام الجمع ما يقرب من ذلك في الضعف حيث زعم أن اخبار السدل تدل على أن السنة في لبس العمامة هي هذه الكيفية إلى الاسدال مطلقا ولكنها مخصصة باخبار التحنيك فإنها أخص من هذه الأخبار فان منها ما يدل على كراهة ترك التحنك في السفر ومنها ما يدل على كراهة تركه عند السعي في قضاء الحوائج وقسم منها ما دل على كراهة ان يتعمم ولم يتحنك وظاهر هذا القسم ارادته حال فعل العمامة أي بعد الفراغ منه لا مطلقا ما دام متلبسا بها أو انه يحمل عليه جمعا وفيه ان بعض القسم الثالث من الاخبار وان أمكن حمله على ارادته حال الفعل على بعد ولكن بعضه الاخر الذي دل على كون التلحي هو الفارق بين المسلمين والكفار يأبى عن ذلك كما هو واضح هذا مع أن بعض اخبار السدل مورده السفر وحكى عن بعض تخصيص اخبار السدل بالنبي والأئمة عليهم السلام وفيه مع مخالفته لقاعدة الاشتراك وما يستشعر من تلك الأخبار من كون تلك الكيفية في حد ذاتها مرعونة في الشريعة ينافيه قول الرضا عليه السلام في خبر ياسر لجميع مواليه افعلوا مثل ما فعلت والتزم غير واحد بالتخيير بين التلحي والاسدال وخصص الكراهة بعمامة لا حنك لها ولا سدل ولعلها هي المرادة بالطايفية لا مطلق ما لا يكون شئ منها تحت حنكه ولو مع سدل طرفها وهذا الجمع لا يخلو عن وجه ولكن الأوجه منه ان يقال إنه يستفاد من نفس اخبار الاسدال بمقتضى سياقها ان هذه الكيفية صدرت من النبي والأئمة عليهم السلام أحيانا في موارد خاصة فهي اخبار خاصة حاكية لفعل الحجج في مواد غير معلومة جهاتها فيحتمل اختصاص استحباب هذه الكيفية بما إذا كان المعتم ساعيا في مطلب مهم كما هو مورد هذه الأخبار فلا تصلح هذه الروايات معارضة لاخبار الكراهة الا بالنسبة إلى ما هو مثل الموارد فيخصص تلك الأخبار بهذه الروايات في مثل تلك الموارد هذا مع أنه لم يعلم خلو تلك العمائم إلى المسدلة عن التحنك حتى يتحقق الشافي بينها وبين اخبار التحنك لجواز ان يكون جزء منها ولو من وسطها عند لفها موضوعا تحت الحنك فما عن المشهور من كراهة ترك التحنك مطلقا بل استحباب فعله كما هو ظاهر الأخبار المتقدمة لا يخلو عن وجه والله العالم وكذا يكره اللثام للرجل كما عن المشهور بل عن المختلف انه مذهب جل علمائنا وعن الخلاف الاجماع عليه ويشهد له صحيحة محمد بن مسلم قال قلت لأبي جعفر (ع) أيصلي الرجل وهو متلثم فقال اما على الأرض فلا وأما على الدابة فلا باس وظاهرها نفى الكراهة في حال الركوب وهو مخالف لاطلاق الفتاوى و معقد اجماعهم المحكى اللهم الا ان يدعى انصراف اطلاق كلماتهم إلى ما لو صلى على الأرض أو يحمل نفى الباس في الصحيحة على الكراهة وكيف كان فظاهر الصحيحة
(١٦٥)